أكد الحبيب استاتي زين الدين، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، في تصريحه لموقع كشـ24، عقب الخطاب الملكي ليوم أمس، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، أن هذا الخطاب يجسد استمرارية حرص الملك على ممارسة صلاحياته الدستورية عبر توجيه الخطب إلى الشعب وممثليه، باعتبارها وسيلة رئيسية لإدارة شؤون البلاد وتوجيه الإصلاحات.
وأشار استاتي، إلى أن الخطابات الملكية تحمل طابعا دستوريا خاصا يمنحها حصانة مطلقة من أي رقابة، سواء سياسية أو قضائية، حيث نص الدستور المغربي عبر تاريخه، في مختلف فصوله، على أن مضامين الخطابات الملكية لا يمكن أن تكون موضوعا للنقاش، ويعكس هذا المكانة الاستثنائية للخطاب الملكي في النظام السياسي المغربي، حيث يبث من أعلى مقام في البلاد ويشكل توجيها مُلزِمًا لجميع الأطراف.
وقد حمل خطاب الملك، بحسب استاتي، ثلاث رسائل رئيسية، الرسالة الأولى تمس الجانب الداخلي للمغرب، حيث أعاد الملك التأكيد على الارتباط العميق بين أبناء الصحراء المغربية والوطن الأم، وهو ارتباط يرسخ عبر مسيرة سلمية وشعبية مكنت المغرب من استرجاع أقاليمه الجنوبية بشكل سلمي، حيث شدد الخطاب على التزام المغاربة، بما فيهم المغاربة المقيمون بالخارج، في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والمساهمة في تنميتها، وفي هذا السياق، أشار الملك إلى ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية المغربية بالخارج، من أجل استيعاب حاجياتها الجديدة ودعم الكفاءات المغربية في الخارج، وذلك من خلال إخراج قانون جديد لمجلس الجالية وإحداث مؤسسة محمدية تهتم بشؤونهم.
أما الرسالة الثانية، يضيف استاتي، فكانت موجهة إلى الأمم المتحدة، حيث طالب الملك المنظمة الدولية بتحمل مسؤولياتها في توضيح الحقائق المتعلقة بالنزاع حول الصحراء المغربية، وبالتحديد في التفريق بين الواقع الحقيقي الذي يعكس سيادة المغرب على صحرائه، وبين أطروحات قديمة فقدت صلتها بالتطورات الحاصلة في المنطقة، حيث أكد الملك على الدينامية الإيجابية التي شهدتها قضية الصحراء، من خلال الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على أراضيه ودعم الكثير من الدول المؤثرة لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع.
وأضاف استاتي، أما بخصوص الرسالة الثالثة، فقد وُجهت إلى الأطراف التي تعيش في “عالم منفصل عن الحقيقة”، وتشمل أولئك الذين يرفضون تطور الملف ويتشبثون بمطالب غير قابلة للتنفيذ، مثل الاستفتاء، الذي تخلت عنه الأمم المتحدة لصعوبة تطبيقه، كما انتقد الملك استغلال قضية الصحراء كوسيلة للحصول على منفذ إلى المحيط الأطلسي، مع العلم أن المغرب اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة، وهو الكهف نفسه الذي يأوي إليه المختبئون وراء النصوص القانونية والإمعان في تحريفها وتشويهها لخدمة أهداف سياسية ضيقة.
واختتم استاتي، تحليله بأن الخطاب الملكي كان واضحا في رسالته للمجتمع الدولي وللأطراف التي تحاول استغلال قضية الصحراء لأهداف سياسية ضيقة، مؤكدا أن الشراكات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها المملكة المغربية لن تكون على حساب وحدتها الترابية وسيادتها الوطنية.