الحكم الذاتي والصراع المفتعل.. هكذا انتصرت الدبلوماسية المغربية

محمد منفلوطي_ هبة بريس هي مرتكزات ثلاث، تلك التي حددها الملك محمد السادس حفظه الله، في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، مرتكزات بمثابة خارطة طريق جديدة قوامها الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد ملف قضيتنا العادلة، مع الدعوة للانتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية. هي رسالة واضحة لكافة الفاعلين داخليا وخارجيا، مفادها أن ملف الصحراء المغربية يسير بخطى ثابتة وعزم واصرار وتأني، وبرؤية واضحة، لعبت فيه المؤسسة الملكية دورا رئيسيا في نهج الانفتاح الاقتصادي مع الدول الإفريقية وسياسة “اليد الممدودة”؛ بغية تعزيز التعاون في ظل شراكة (رابح-رابح)، ناهيك عن اطلاق مشروع الداخلة التنموي الاقتصادي لربط المغرب بعمقه الافريقي، ولتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي الذي كان خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء مُؤسسا له، حيث أشار إلى أن تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية بمنطقة الساحل والصحراء، ليس بتبني المقاربات الأمنية والعسكرية وحدها فقط، بقدر ما يقوم على التعاون والتنمية المُشتركة، وكان في ذل

الحكم الذاتي والصراع المفتعل.. هكذا انتصرت الدبلوماسية المغربية
   hibapress.com
محمد منفلوطي_ هبة بريس هي مرتكزات ثلاث، تلك التي حددها الملك محمد السادس حفظه الله، في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، مرتكزات بمثابة خارطة طريق جديدة قوامها الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد ملف قضيتنا العادلة، مع الدعوة للانتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية. هي رسالة واضحة لكافة الفاعلين داخليا وخارجيا، مفادها أن ملف الصحراء المغربية يسير بخطى ثابتة وعزم واصرار وتأني، وبرؤية واضحة، لعبت فيه المؤسسة الملكية دورا رئيسيا في نهج الانفتاح الاقتصادي مع الدول الإفريقية وسياسة “اليد الممدودة”؛ بغية تعزيز التعاون في ظل شراكة (رابح-رابح)، ناهيك عن اطلاق مشروع الداخلة التنموي الاقتصادي لربط المغرب بعمقه الافريقي، ولتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي الذي كان خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء مُؤسسا له، حيث أشار إلى أن تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية بمنطقة الساحل والصحراء، ليس بتبني المقاربات الأمنية والعسكرية وحدها فقط، بقدر ما يقوم على التعاون والتنمية المُشتركة، وكان في ذلك مؤشر مهم على الاهتمام المغربي بتعزيز العلاقات مع دول الساحل والصحراء، ومن ثم توجيه الحكومة المغربية للبدء في تنفيذ ذلك الأمر، مع عرض هذه المقترحات على قادة الدول الخمس (المغرب، تشاد، مالي، النيجر وبوركينا فاسو). إن ملف الصحراء المغربية، لا يخفى على أحد، أنه مر من مراحل عدة، بدءا بالقطع أولا مع سياسة الكرسي الفارغ داخل الاتحاد الافريقي، الذي أربك حسابات الخصوم، مما مكن الدبلوماسية المغربية من اكتساب مناعة اختراق العمق الافريقي لتؤسس بذلك لاستراتيجية جديدة برؤية ملكية حكيمة، وببعد اقتصادي وحمولة اجتماعية وحقوقية وانسانية تضمن كرامة وحقوق المهاجرين الأفارقة من عابري الحدود، والعمل على احتوائهم وتسوية وضعياتهم، فكان لهذا الموقف الانساني النبيل الوقع والأثر النبيل وعزز من موقف المغرب الداعي إلى تكريس مشروع الحكم الذاتي كحل عادل وشامل للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء. نعم، كان لدبلوماسية القنصليات بالصحراء المغربية، الكلمة الفصل، جاءت بخلفيات وأبعاد قانونية وسياسية واقتصادية وأمنية جيو استراتيجية، بل واستمدت قوتها ورجعيتها الدستورية والقانونية من الخطب الملكية، أبرزها تلك التي قال فيها الملك في وقت سابق بأن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات. نعم ظهر الحق وزهق الباطل، والحمد لله؛ والحق يعلو ولا يعلى عليه، والقضايا العادلة تنتصر دائما، خطاب ملكي بحمولة ثقيلة موجه لكافة أطراف النزاع، وكذا للفاعلين الداخليين والخارجيين، ثمن فيه دور الجمهورية الفرنسية التي اعترفت بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء، وداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، لينضاف هذا الانتصار إلى انتصارات سابقة من أبرزها الاعتراف الأمريكي،والاسباني ودول عربية وافريقية وخليجية.... على الرغم من الانتصارات التي تحققت في هذا الصدد بفضل تظافر مختلف الجهود الدبلوماسية الرسمية والموازية، وبفضل الدعم الشعبي الدائم والمستمر، إلا أن ذلك لم يمنع الخصوم من الاصرار على معاكسة المغرب في استكمال وحدته الترابية، والسعي لعرقلة كل جهوده عبر آليات مختلفة ومتجددة، تمثلت على الخصوص، في استغلال عدد من المنابر الأممية والدولية لتمرير مواقف التجزئة والانفصال... وهو ماجعل الملك في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان يؤكد على الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي، داعيا إلى المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، ووضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص، في اختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية، أو في المحافل الجهوية والدولية. هكذا خاطب جلالته جميع الفاعلين الداخليين، للعمل على شرح أسس الموقف المغربي، للدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء. إن المغرب اليوم، بات يتمتع بأوراق القوة الرابحة في ملف الصحراء، وقد طرح خيار الحكم الذاتي الموسع حلاً سياسياً قابلاً للتفاوض في حدوده وصيغه الإجرائية، مع اشتراط مبدأ السيادة دون تفصيلات ثانوية. وفي نظري، ولتجاوز المعيقات التي قد تعترض انزال هذا المقترح البناء، يجب أولا تثمين الخطب الملكية والعمل على تنزيل مضامينها وفق مقاربة تشاركية، وتقوية الجبهة الداخلية، وتثبيت التواجد العسكري بأقاليمنا الصحراوية، مع إعادة النظر في العلاقات مع بعض دول الجوار، والإبقاء على سياسة التنويع من خلال عقد تحالفات مع دول مؤثرة عسكريا واقتصاديا في هذه الدول وفي مقدمتها روسيا والصين ومصر وتركيا ودول الخليج العربية، كما يتطلب الأمر كذلك إعادة رسم الأولويات الجديدة ووضع أجندة لتعزيز التعاون والتقارب مع البلدان المغاربية، ومواجهة التحركات البئيسة من قبل الجارة الشرقية.