اختتمت المناظرة الوطنية الثانية حول الجهوية المتقدمة بالإعلان عن مجموعة من التوصيات الشاملة التي تسعى إلى تعزيز الحكامة الترابية وتحقيق التنمية المستدامة. وقد تناولت هذه التوصيات مختلف المحاور المتعلقة بتفعيل الاختصاصات الجهوية، والتكامل بين اللامركزية واللاتمركز الإداري، وتمويل البرامج الاستثمارية، بالإضافة إلى قضايا حيوية أخرى مثل التزود بالماء، النقل المستدام، والتحول الرقمي للجماعات الترابية.
وفي إطار التوصيات العامة، شددت المناظرة على ضرورة تسريع تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري كخطوة أساسية لتعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين، كما تم التأكيد على تطوير آليات التتبع والتقييم لضمان تحقيق نجاعة الأداء الترابي، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الفاعلين الترابيين ليتمكنوا من مواجهة التحديات التنموية المختلفة، وشددت التوصيات أيضا على أهمية تعزيز الحوار التشاركي بين المواطنين والجمعيات لإعداد وتتبع برامج التنمية بشكل شامل.
وفيما يتعلق بتفعيل اختصاصات الجهات والنهوض بالجاذبية الترابية، أوصت المناظرة بضرورة تسريع إخراج توجهات السياسة العامة لإعداد التراب بهدف تحقيق الانسجام بين وثائق التخطيط. كما دعت إلى اعتماد مقاربات أكثر مرونة وتفاعلا لتحفيز الجاذبية الترابية وضمان تحقيق التنمية المستدامة.
وأما بخصوص تحفيز الاستثمار المنتج، فقد تم التأكيد على أهمية تحقيق التقائية السياسات الحكومية مع برامج التنمية الجهوية وتوحيد التخطيط المالي بين البرامج الوطنية والجهوية مع مراعاة خصوصيات كل جهة، كما دعت التوصيات إلى تعزيز دور الجهات في دعم الاستثمار عبر آليات تنسيق فعالة مع القطاع الخاص وتبسيط المساطر الإدارية.
وفيما يخص تمويل البرامج الاستثمارية، أبرزت التوصيات ضرورة زيادة الموارد المالية المخصصة للجهات، مع مواكبة الجماعات الترابية في الاستخدام الناجع لآليات الاقتراض كوسيلة تمويل، ودعت المؤسسات المالية الوطنية والدولية إلى تطوير حلول مبتكرة لتلبية الاحتياجات التمويلية الضرورية لتحقيق التنمية.
وفي سياق مواجهة الإجهاد المائي، طالبت التوصيات بتسريع وضع استراتيجيات جهوية للنجاعة المائية، مع إشراك الجهات في إعداد وتنفيذ وتتبع البرامج المرتبطة بالماء، كما دعت إلى توحيد الجهود بين الجهات والجماعات الترابية لتسريع تنفيذ المشاريع الخاصة بإدارة الموارد المائية.
وأما في ما يتعلق بقطاع النقل والتنقل المستدام، شددت التوصيات على ضرورة إحداث أنماط مبتكرة لحكامة هذا القطاع من خلال إنشاء شركات متعددة الخدمات تُعنى بإدارة المرافق العمومية المحلية بفعالية، كما أكدت على أهمية تضافر الجهود بين الدولة والجماعات الترابية لإنجاح نماذج التدبير المفوض للنقل الحضري والقروي، مع مراعاة خصوصيات المناطق القروية للحد من الفوارق المجالية والاجتماعية.
وأخيرا، في مجال التحول الرقمي، أوصت المناظرة بإعداد مخططات مديرية للتحول الرقمي على مستوى كل جهة، مع اعتماد نماذج حكامة رقمية مبتكرة تسهم في تسريع هذا التحول، وأكدت على ضرورة إنشاء شركات جهوية تعتمد أساليب القطاع الخاص للإسراع في تنفيذ هذه المخططات بما يعزز التنمية الشاملة.
وتشكل هذه التوصيات خارطة طريق واضحة للنهوض بالجهوية المتقدمة في المغرب، وتؤكد على أهمية التنسيق بين مختلف الأطراف لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تلبي احتياجات المواطنين وتدعم جهود بناء مستقبل واعد.