على الرغم من التطور الذي يشهده النظام المصرفي في المغرب، إلا أن العقبات المتعلقة بالتمويل ما زالت تشكل تحديًا كبيرًا، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة جدًا والصغيرة، التي تمثل غالبية النسيج الاقتصادي في البلاد.
وأشار تقرير جديد صادر عن البنك الدولي بالتعاون مع المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى أن نسبة القروض المقدمة للقطاع الخاص في المغرب تفوق العديد من الدول، لكن 47% من الشركات المغربية تواجه صعوبات في الحصول على التمويل، و28% منها تعتبر نقص مصادر التمويل الخارجية عائقا أمام نموها.
وبحسب التقرير، تتركز معظم القروض المصرفية في عدد محدود من الشركات الكبرى، مما يحرم الشركات الصغيرة والمتوسطة من التمويل الضروري لتوسيع نشاطاتها، رغم كونها تشكل الأغلبية العظمى من الشركات المسجلة، وأكد المرصد المغربي أن سياسة الإقراض في المغرب تفضل الشركات الكبرى على حساب الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يخلق فجوة كبيرة في فرص الحصول على التمويل بين هذه الفئات.
وخلال الفترة بين 2016 و2019، لم تحصل سوى 33% من الشركات التي تضم أقل من 10 موظفين على عقود ائتمان نشطة، في حين وصلت النسبة إلى 70% بين الشركات التي تضم 50 موظفًا فأكثر، كما أن الشركات الصغيرة تعتمد بشكل أقل على القروض المصرفية، إذ تشكل القروض المصرفية 8.3% فقط من إجمالي ديونها، مقارنة بنسبة 20.6% للشركات الكبيرة التي تضم أكثر من 500 موظف.
ودعا التقرير إلى إعادة تقييم معايير منح القروض المصرفية في المغرب، مشيرا إلى ضرورة التركيز على عوامل تشير إلى قدرة الشركات على السداد بدلا من الاعتماد فقط على حجم الإنتاجية، وذكر أن الاقتصاد المغربي يعاني من ضعف في خلق وظائف جديدة وزيادة مستويات الدخل، ويعود ذلك إلى النمو المتواضع في الإنتاجية الذي بلغ 2.2% بين عامي 2016 و2019، مقارنة بزيادة بنسبة 5% في القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ووفقا للمرصد المغربي للمؤسسات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، فإن سوء تخصيص الموارد في القطاع الخاص الرسمي يؤثر سلبا على كفاءة الاقتصاد ويعيق تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وأضاف التقرير أن الشركات الأكثر إنتاجية غالبا ما تكون الأصغر حجما، بينما لا يبدو أن عمر الشركات يرتبط بشكل مباشر بمستوى الإنتاجية.
ورغم التوسع الاقتصادي الذي شهده المغرب خلال العقدين الماضيين، حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 3.6% بين 1980 و1999 إلى 4.8% بين 2000 و2009، إلا أن النمو تباطأ بشكل ملحوظ منذ عام 2010 بسبب عدة عوامل خارجية، مثل الأزمة المالية العالمية وأزمة ديون منطقة اليورو وجائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى موجات الجفاف المتتالية.
ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد من حيث تعادل القوة الشرائية قد شهد زيادة تجاوزت 70% بين عامي 2000 و2019، إلا أنه لا يزال أقل بنسبة 22% من الحد الأدنى للاقتصادات ذات الدخل المتوسط في الشريحة العليا.