!
أحمد مصباح - هبة بريس
اصطدم قائد قيادة لبخاتي، بدائرة عبدة، بنفوذ إقليم آسفي، بعراقيل مفتعلة، بعد أن سعى جادا وجاهدا إلى تطبيق القانون والمساطر الجاري بها العمل، في احترام وتقيد بما تلقاه، طيلة سنتين، بالمعهد الملكي للإدارة الترابية بالقنيطرة، من دراسة وتكوين في الممارسات القانونية والإدارية للسلطة الترابية، وتدبير الشأن العام. وهذا ما تسنى الوقوف عليه، جراء تدخل ممثل السلطة للحيلولة دون استخراج أتربة، من "حفرة غير مرخصة"، لاستعمالها في إنجاز مسالك طرقية بتراب الجماعة القروية. ما ولد توترا، سرعان ما امتدت عدواه إلى من دخلوا على الخط، وهددوا بتقديم استقالات جماعية.
*إنفاذ القانون لمحاربة الفوضى
منذ تنصيبه، الثلاثاء 22 غشت 2023، على رأس قيادة لبخاتي، عمد ممثل السلطة المحلية، خريج الفوج الثامن والخمسين للسلك العادي لرجال السلطة، إلى القطع مع بعض الممارسات، التي كانت من مخلفات الماضي، من بالعمل بحزم وصرامة على تخليق تدبير الشأن الترابي. حيث تصدى لاستنزاف المياه الجوفية (la nape phréatique)، الذي بات يهدد أمنه المائي، جراء الآبار "غير المرخصة"، التي اكتسحت المنطقة، كالطفيليات، في ظرفية الجفاف التي يمر منها المغرب، والتي كان بعضهم يتحينون الفرصة السانحة لحفرها، سيما بحلول الليل.. أو تزامنا مع عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد)، والمناسبات التي تتعطل فيها الإدارة رسميا، كعيد الفطر وعيد الأضحى (..)، وكذا، باستغلال عدم توفر "سكن وظيفي"، مخصص لرجال السلطة، الذين تعاقبوا على تدبير الشأن الترابي بقيادة وجماعتي لبخاتي ولحضار، منذ تاريخ خلق القيادة، الذي يعود إلى ما يزيد عن عقدين؛ حيث كانوا يضطروا، شأنهم في ذلك شأن القائد الحالي، للإقامة في ما اعتبر "سكنا وظيفيا" بجمعة سحيم، إلى أن عاث فيه المخربون (les vandales) خرابا، وسطا اللصوص على تجهيزاته وأبوابه ونوافذه. ما حدا ببعض رجال السلطة السابقين إلى الإقامة بمدينة آسفي، والتنقل إلى مقر عملهم بمركز جماعة لبخاتي، قاطعين يوميا، ذهابا وإيابا، مسافة 144 كيلومتر، مرورا عبر الطريق الوطنية رقم: 1، والطريقين الإقليمية والجهوية رقم: 2302 ورقم: 204.
*القائد يتصدى لمقلع "عشوائي"
وقف ممثل السلطة المحلية، مؤخرا، سدا منيعا في وجه مقاولة متعاقد معها، كانت تعتزم، بواسطة آلة للحفر "تراكس"، حضر معها بشكل "مثير للجدل"، مستشار جماعي، استخراج أتربة من قطعة أرضية، هي امتداد لمقبرة، تابعة لدوار "مبارك الشايظمي"؛ تدخل كان مبررا من الوجهتين الواقعية والقانونية. حيث إن المقبرة التي يدفن فيها موتى المسلمين، وحتى إن كانوا موتى من ديانات وعقائد أخرى، يحرم ويجرم انتهاك حرمتها بهذا الفعل الشنيع (acte de profanation)؛ ناهيك عن كون هذه المقاولة لم يكن مرخصا لها من قبل "اللجنة الإقليمية للمقالع"، التي يترأسها عامل إقليم آسفي.
وبالمناسبة، فإن التدخل الاستباقي لمسؤول السلطة الترابية، قد يكون جنب تبعات وارتدادات "غير مرغوب فيها"، كان بالإمكان أن تتعدى مسرح الواقعة والجغرافية، حيث تواجدت "التراكس"، التي كان المستشار الجماعي يصطحبها بشكل "مثير للجدل"، والتي تجمهر حولها، في حالة غضب وانفعال شديدين، السكان، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا.
*تفضيل في إصلاح المسالك الطرقية
لقد أجرت بالمناسبة، لجنة ضمت "مصلحة إنجاز مشاريع سلاسل الإنتاج الفلاحي"، ممثلة للمديرية الإقليمية لوزارة الفلاحة بآسفي (DPA/SMOPFA)، منذ بضعة أشهر، خرجات ميدانية، همت جماعة لبخاتي؛ إذ تم خلالها، حسب مستشار جماعي، الاتفاق على انطلاقة عملية إنجاز المسالك الطرقية، المشمولة بعملية الضم البور، والني خصت 6500 هكتار، في مرحلتها الأولى، من دواوير بعينها، كدواري "السكاكمة" و"أولاد موسى".. غير أن ما تم ترجمته لاحقا، على أرض الواقع، قد جاء مخيبا للانتظارات والآمال؛ حيث تركت هذه الدواوير إلى سنة 2025 أو 2026؛ فيما أدرجت محلها دواوير أخرى، كانت مبرمجة للمرحلتين القادمتين. ما خلف استياء لدى الفلاحين وساكنة المنطقة، سيما أن عملية الضم التي تمت "المصادقة عليها" (l’homologation)، منذ أزيد من سنة، لم تعد ثمة على طاولة "اللجنة المحلية المكلفة بعملية الضم البور لجماعة لبخاتي"، أية نزاعات أو شكايات من الدواوير السالفة الذكر (دواوير "السكاكة" و"أولاد موسى"..). وهذا ما كانت الجريدة أوردته في تحقيق صحفي، تحت عنوان " قائد لبخاتي يحول دون إصلاح مسالك طرقية بأتربة مقبرة لدفن موتى المسلمين"، نشرته على أعمدة موقعها الإلكتروني، بتاريخ: 03 أكتوبر 2024.
*القائد يمنع مقلعا ثانيا "غير قانوني"
بعد أن حال المسؤول الترابي دون استخراج الأتربة من القطعة الأرضية، الكائنة على أطراف دوار "مبارك الشايظمي"، بالنظر، من جهة، إلى كونها امتدادا طبيعيا لمقبرة دفن أموات المسلمين؛ ومن جهة أخرى، لعدم التوفر على ترخيص، عمدت المقاولة المتعاقد معها إلى اقتناء قطعة فلاحية، كائنة وسط حقول، تناهز مساحتها الهكتار، غير بعيد عن مقبرة، على أطراف دوار "أولاد فارقو"؛ حيث شرعت في عملية الاستغلال، قبل أن تفاجأ، منذ أقل من أسبوع، بتدخل القائد، الذي أوقف لتوه أشغال الحفر واستخراج الأتربة، التي كانت تقوم بها "التراكس".
*الجريدة تستجلي حقيقة "المقلع"
طبقا وتطبيقا لمقتضيات الفصلين 27 و28 من دستور المملكة، كان للجريدة اتصال بأطراف ومتدخلين، ومصادر مطلعة، استقت شهاداتهم وارتساماتهم، بغية استجلاء حقيقة ما جرى، تنويرا للرأي العام، و"من يهمهم الأمر".
هذا، فإن الحفرة المستهدفة، قد أضحت، في ظرف وقت قياسي أضحت، كما يبدو جليا من الصورة رفقته، عميقة وعريضة؛ إذ ناهز عمقها، إلى غاية لحظة تدخل القائد، 10 أمتار، ومساحتها تتسع لعمارتين ذات 3 طوابق تحت أرضية.
إلى ذلك، فإن "المقلع"، الواقع بمحاذاة مسلك طرقي يؤدي إلى دواري "أولاد موسى" و"أولاد فارقو"، وكذا، إلى الطريق الإقليمية 2306، الرابطة بين مدينتي اليوسفية وجمعة سحيم، تنعدم فيه بشكل صارخ وخطير، وكما عاينت اللجنة الإقليمية التي حلت، الخميس 17 أكتوبر 2024، معايير وشروط السلامة والأمان، بالنظر إلى كونه غير محاط بسياج أو سور ولو من حجارة أو أتربة، وليس ثمة من يقوم بحراسته سواء في النهار أو الليل؛ وهذا ما يرفع من احتمال وقوع الحوادث والكوارث، سيما عندما يخيم الظلام، بحلول الليل، والتي قد يكون ضحاياها لا قدر الله، من مستعملي الطريق، سائقي الشاحنات والجرارات والدراجات النارية والهوائية، والعربات المجرورة بالدواب، وحتى الراجلين.
وبالمناسبة، فإن مواطنين فجروا، في خرجة إعلامية بالصورة والصوت، على قناة رقمية (يوتوب)، غضبهم واستيائهم، من الحفرة العميقة والعريضة، التي أقيمت بشكل عشوائي، على مقربة من حقولهم الفلاحية، وكأن زلزالا ضرب المنطقة، أو كأن الأرض هوت أو انشقت بفعل تصدعات جيولوجية؛ إذ أبدوا مخاوفهم وتخوفاتهم من أن ينزلق أو يسقط فيها عرضيا فلذات أكبادهم، وبهائمهم وماشيتهم التي ترعى؛ ناهيك عن الأخطار المحدقة والصعوبات الناجمة عن تلك الحفرة، عند استغلال أراضيهم الزراعية، وحرثها وحصادها وجمع المحاصيل.
ومن هنا وجد ممثل السلطة المحلية وأعوانها، أنفسهم ملزمين بالتدخل، بغية فرض وإنفاذ القانون، حماية لسلامة المواطنين، وصونا لممتلكاتهم، تحت طائلة التقصير في أداء الواجب المهني.
*عندما تتكلم مصادر بروح المسؤولية
أفاد مصدر مسؤول لدى جهة إدارية إقليمية بآسفي، أن المقاولة المتعاقد معها، والتي شرعت في عملية الحفر واستخراج الأتربة، لاستعمالها في تسوية المسالك الطرقية (terrassement)، والتي تليها عملية "الدك" (compactage)، لم تحصل بعد على الترخيص الذي من المفترض والمفروض أن تصدره "اللجنة الإقليمية للمقالع"، التي يترأسها عامل إقليم آسفي، والتي يكون ممثلا فيها 15 عضوا، عن القطاعات المعنية.
ما عجل، إلى جانب الأخطار المحدقة، في غياب معايير وشروط السلامة والأمان، إلى جانب بتدخل قائد قيادة لبخاتي، الذي أوقف، منذ أقل من أسبوع، أشغال الحفر واستخراج الأتربة. الأمر الذي لم يتقبله بعض من دخلوا على خط المواجهة والنزاع، الذي أوفد على إثره عامل إقليم آسفي، الخميس الماضس، "لجنة إقليمية" إلى مقر السلطة الترابية لبخاتي.
*وعندما تلزم مصادر مسؤولة الصمت
عملا بمقتضيات الدستور، الذي يخول الحق في الحصول على "المعلومة"، من مصادرها الرسمية، وتقيدا بمبادئ وأخلاقيات قانون الصحافة والنشر، وتكريسا لمبدأ "الرأي والرأي الآخر"، وتنويرا للراي العام، ربطت الجريدة مرار وتكرارا، في أيام وأوقات مختلفة، الاتصال بالمدير الإقليمي للفلاحة لآسفي، ورئيس "مصلحة إنجاز مشاريع سلاسل الإنتاج الفلاحي"، بصفتهما يمثلان الجهة التي تعاقدت مع المقاولة، التي تنجز أشغال المسالك الطرقية، المشمولة بعملية الضم، وذلك للاستفسار عن طبيعة وخلفيات مشكل المقلع، ومعرفة رأي الإدارة المعنية، لكن هاتفيهما ظلا يرنان ، ولا من يجيب (le silence radio)؛ إذ عمدت الجريدة إلى موافاتهما برسالة نصية في الموضوع، عبر تطبيق "SMS"، واحتياطيا عبر تطبيق "WhatsApp".. بعد أن تعذر الوصول والاتصال بالمقاولة المتعاقد معها.
*عدم توفر النصاب القانوني.. لماذا ؟!
لم يحضر من اللجنة الإقليمية إلى مقر القيادة، بالتاريخ المحدد، سوى 7 ممثلين عن الإدارات والقطاعات المعنية، والتي هي، تبعا لصفتها القانونية: "المندوبية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك لآسفي"، و"المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر لآسفي"، و"قسم الشؤون القروية لدى عمالة آسفي"، و"الجماعة الترابية لبخاتي"، والسلطة المحلية لبخاتي"، و"الفرقة الترابية للدرك الملكي بمركز جمعة سحيم"، و"درك البيئة لدى القيادة الجهوية للدرك الملكي لآسفي".
وحسب مصدر جماعي موثوق، فإن اللجنة الإقليمية التي أوفدها عامل الإقليم، قد اضطرت لتأجيل الاجتماع، إلى الأسبوع القادم؛ حيث إن مرد ذلك، يكمن في عدم تحقق النصاب القانوني (50 + 1).
وبالمناسبة، ووقوفا عند ما قد يكون ترتب من تداعيات عن عدم توفر النصاب القانوني (le quorum)، من تأجيل وتعطيل.. سيما بعد أن أخذت "التأويلات" في التناسل.. فما الذي يبرر غياب أو تغيب ممثلي القطاعات الذين تكون المصالح العاملية بآسفي، وجهت لهم إرساليات رسمية للحضور بمقر القيادة، علاقة بالموضوع والتاريخ المحددين؟! ومن بالمناسبة قد يفيد أو قد يستفيد، من عدم تحقق النصاب القانوني، أو بعبارة أدق، من تأجيل الاجتماع المخصص للتداول والحسم؟! وهل سيكتمل النصاب، في المرة القادمة، ويحضر ممثلو الإدارات المعنية، أشغال الاجتماع المؤجل؟
هذا، وفي ظل ما آل إليه الوضع، فقد يكون من النجاعة، وتفعيلا للإجراءات الإدارية والمساطر التنظيمية، أن يتم عقد الاجتماع، المقرر الأسبوع القادم، تحت الإشراف والرئاسة الفعليين لعامل إقليم آسفي، بصفته رئيس اللجنة الإقليمية للمقالع، سيما أن أعضاء اللجنة الإقليمية قد انتقلوا، الخميس الماضي، إلى "المقلع غير القانوني"، بدوار "أولاد فارقو"، حيث أجروا المعاينات اللازمة.
*تدخلات مبررة من الوجهتين الواقعية والقانونية
إن التدخلين اللذين أجراهما القائد بمعية أعوانه، الشيوخ والمقدمين، أعين السلطة التي لا تنام، في منطقة نفوذه الترابي، في ظرف أقل من أسبوعين، على التوالي بدوار "مبارك الشايظمي"، ودوار "أولاد فارقو"، قد كانا مبررين من الوجهتين الواقعية والقانونية؛ كما أنهما جاءا تكريسا للمفهوم الجديد للسلطة، ولسياسة القرب والإنصات لقضايا وهموم المواطنين، رعايا صاحب الجلالة.
*تناسل إشاعات مسيئة
تناسلت الإشاعات، سيما في الفترة التي سبقت، شهر غشت الماضي، الإعلان عن نتائج الحركة الانتقالية، التي همت رجال السلطة؛ حيث روجت "ألسن"، بنية مبيتة، بأنه سيتم نقل القائد إلى جماعة ترابية أخرى، بعد أن استغل بعضهم جهل وسذاجة مخاطبيهم. وهذا ما يجر بالمناسبة إلى الرد لتفنيد هذه الإشاعات، كون قائد قيادة لبخاتي، إطار من أطر الدولة، قد تم تعيينه في منصب المسؤولية الترابية، بمركز لبخاتي، بناء على قرار صادر عن وزارة الداخلية، ومؤشر عليه من قبل الوزير لفتيت؛ هذا القرار الوزاري الذي يجعل القائد، على غرار من هم في وضعيته، من خريجي المعهد الملكي للإدارة الترابية، "غير مشمولين" بأي نقل، إلا بعد انقضاء فترة ولايتهم المحددة في 4 أو 5 سنوات متتالية، طبقا للحركة الانتقالية، التي كان أقرها المغفور له، جلالة الملك الحسن الثاني.. باستثناء إذا ارتكب أي منهم خطأ مهنيا جسيما، يستوجب تبعات تأديبية، وفق مقتضيات قانون الوظيفة العمومية.
*من يحمي "هبة المؤسسات"؟
ليس بأي حال من الأحوال، هذا التحقيق الاستقصائي (enquête d’investigation)، الذي أنجزته الجريدة في موضوع "المقلع العشوائي"، الذي يشكل خطرا محدقا، يتهدد سلامة المواطنين، وكذا، بعض السلوكات التي وصفت ب"الاندفاعية"، (ليس) البتة "مرافعة" للمؤازرة أو الدفاع عن القائد، وعن السلطة الترابية التي يمثلها (plaidoirie)، وإنما هو "عنوان الحقيقة"؛ "الحقيقة" التي تستشف بالواضح والملموس، من الوقائع والحقائق والحيثيات التي أثيرت بموضوعية وتجرد، والتي يجب أن تصل "بدون مقص"، عبر هذا المنبر، إلى "من يههم الأمر"، إلى المسؤولين الحكوميين والسلطات العمومية، حتى يتم استحضار أنه في حالة إذا ذهبت "هبة القائد"، ذهبت معها بشكل تسلسلي وتصاعدي، "هبة رئيس الدائرة"، و"هبة الباشا"، و"هبة رئيس قسم الشؤون الداخلية"، و"هبة عامل الإقليم"، و"هبة والي الجهة"، ومعهم "هبة وزارة الداخلية".. فإن ذهبت من ثمة "هبة السلطات والمؤسسات"، ذهبت حتما "هبة الدولة"!