حينما يأبى العُشب الجلوس…

 محمد منفلوطي_ هبة بريس  هو الجلوس على العشب اليابس، كالجلوس على كرسي المسؤولية بِنيّة مبيتة وبأطماع شخصية غير المصالح العامة من قبل البعض من مدبري الشؤون المحلية....إن حال التدافع عند كثيرين وهم يبيعون الوهم لهم ولغيرهم، يُسابقون الزمن ويعقدون المجالس في السر قبل العلن بغية الجلوس على كرسي المسؤولية ولو بطرق ملتوية، هو حال من يجلس على أرض قاحلة لازرع فيها ولاماء، يحْسبه عشبا أخضر يُنعش الروح يزيده مكانة بين بني جلدته من قومه، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد بجانبه يافظة كُتب عليها " ممنوع الجلوس على العشب"... إن حال البعض ممن أصبحوا يتقلدون كراسي المسؤولية السياسية خاصة في شقها المتعلق بتدبير شؤون البلاد والعباد محليا واقليميا وجهويا بين عشية وضحاها، كحال تلك اليافظة التي ظلت واقفة لوحدها تُحاجج صاحبها بعدم الجلوس على العشب، وعن أي عشب تتحدث، وهو الذي تم قضمه أو بالأحرى اقتلاعه اقتلاعا،  بعد أتى صاحبه على الأخضر واليابس... وقوف اليافظة وهي تقاوم بشموخ، قبل أن يغالبها العياء والوهن وهي تُحدث نفسها بنفسها، مسترجعة ذكريات الزمن الجميل، حينها كانت مُحاطة بالخضرة والمياه المتدفقة،

حينما يأبى العُشب الجلوس…
   hibapress.com
 محمد منفلوطي_ هبة بريس  هو الجلوس على العشب اليابس، كالجلوس على كرسي المسؤولية بِنيّة مبيتة وبأطماع شخصية غير المصالح العامة من قبل البعض من مدبري الشؤون المحلية....إن حال التدافع عند كثيرين وهم يبيعون الوهم لهم ولغيرهم، يُسابقون الزمن ويعقدون المجالس في السر قبل العلن بغية الجلوس على كرسي المسؤولية ولو بطرق ملتوية، هو حال من يجلس على أرض قاحلة لازرع فيها ولاماء، يحْسبه عشبا أخضر يُنعش الروح يزيده مكانة بين بني جلدته من قومه، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد بجانبه يافظة كُتب عليها " ممنوع الجلوس على العشب"... إن حال البعض ممن أصبحوا يتقلدون كراسي المسؤولية السياسية خاصة في شقها المتعلق بتدبير شؤون البلاد والعباد محليا واقليميا وجهويا بين عشية وضحاها، كحال تلك اليافظة التي ظلت واقفة لوحدها تُحاجج صاحبها بعدم الجلوس على العشب، وعن أي عشب تتحدث، وهو الذي تم قضمه أو بالأحرى اقتلاعه اقتلاعا،  بعد أتى صاحبه على الأخضر واليابس... وقوف اليافظة وهي تقاوم بشموخ، قبل أن يغالبها العياء والوهن وهي تُحدث نفسها بنفسها، مسترجعة ذكريات الزمن الجميل، حينها كانت مُحاطة بالخضرة والمياه المتدفقة، حينها كان لكلمتها معنى، تحرس المكان وتُذكر المارين وعُشاق الكراسي، بأن لاشيء يدوم، ومايدوم هو الأثر الطيب.. طار العشب، وطارت معه اللحظات الجميلة والحسن والجمال،  وبقيت اليافظة على العهد ماضية، وهي تدافع عن المكان بكل جرأة وثبات وملامح الأسى والحزن بادية على محياها، وكلها غم وهمٌّ وحسرة على مافات...ومن بين ثنايا ذلك كله، حاولت الوقوف من جديد بنفس جديد بعد اجهاد ووهنٍ، لكنها لم تستطع بعد أن خارت قواها...وكأنها بذلك تقول: ياليت العُشب يعود... مشهد اليافظة وهي تحمل عبارة " ممنوع الجلوس على العشب"،  مشهد وكأنه يختزل في طياته جزءا كبيرا مما تعانيه بعض المجالس المنتخبة، لمسؤولين اختاروا كراسي المسؤولية وتعلقوا بها تعلق الرضيع بحليب الأم، واختاروا منطق عدم ترك الأثر الطيب منهجا لهم وسبيلا لتحقيق مصالحهم الشخصية على مصالح البلاد والعباد، وغادروا في صمت مغادرة بلا رجعة كمغادرة العشب هذا، وتركوا وراءهم إرثا ثقيلا بلا معنى، نعم، تركوا حدائق تحتضر وطرقات محفرة وسوء تدبير، تركوا مُدنهم وقراهم تحتضر وتشتكي حالها وتنذب حظها، وهي التي اشتاقت للباس الزينة والانماء والحدائق الغناء، وفي المقابل وقف العديد من شرفاء هذا الوطن بثبات وحس بالمسؤولية، وانخرطوا بجدية في تنمية وطنهم، وتقريب الخدمات من مواطنيه، فنالوا العلامة الكاملة على حسن تدبيرهم. " هروب العشب" وترك اليافظة وحدها تُحاجج كل مسؤول عن السبب الرئيسي لذلك، هو رسالة مشفرة، لربما حاول من خلالها (العشب الهارب) أن يؤكد بأنه استيأس وضجر وملّ من سياسة الانتظار والوعود الزائفة، وأنه لم يعد يتحمل رؤية مايدور حوله من سياسات ترقيعية،  فقرر الرحيل دون رجعة... "غياب العشب" وبقاء اليافظة شاهدة على ذكراه،  لخير دليل على أن البعض من مدننا وقُرانا تعاني وتنادي أبناءها البررة، وتشد على أيديهم لانقاذها فهي تحتضر تهميشا....تناديهم وتتوسل إليهم أن لا يجعلوها تذبل أمام أعينهم كما ذبل العشب وتبخر وطار...