محمد منفلوطي_ هبة بريس
بعد أن بلغ السيل الزُبى كمال يُحكى ويُقال، وبعد أن تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة مستباحة من قبل البعض لتمرير خطاباتهم السُّوقية بطعم " قلة الحياء والرقص بالمؤخرات..."، وبعد أن ارتفع منسوب المناهضين لهذه الآفة التي اجتاحت الفضاء الأزرق أبطالها اختاروا منطق " جني المال" ولو على حساب الشرف، بعد هذا وذاك، رفع رواد منصات التواصل الاجتماعي شعارات تطالب بوقف هذا النزيف اللاأخلاقي عبر إطلاقهم لحملة " لا للتفاهة"، مطالبين بتشديد الحظر على المحتويات التي تستخدم الابتزاز الإلكتروني وتشجع على ثقافة الحقد والكراهية وفساد الأخلاق وضرب القيم.
للحكاية بداية..
هي بداية الحكاية، التي رأت النور مع أولى حالات التدافع والتنابز بالألقاب وصناعة القصص الواهية للتشهير والمساس بالحياة الشخصية للآخرين عبر منصات "فيسبوك" و"تيك توك" و"إنستغرام"، من قبل أبطال صنعوا لأنفسهم مكانا واسما وعنوانا تحت طائلة " صناعة التفاهة"، وما صاحب ذلك من ترويج لفيديوهات ومشاهد مخلة بالآداب التي اقتحمت البيوت وكسّرت جدار الصمت حتى لدى البعض ممن كانوا "يسترقون السمع وينظرون بطرفٍ خفي" تماشيا والمثل الشعبي " يخي منو وعيني فيه"..
أمام حجم التدافع هذا، رُفعت أصوات تطالب بتفعيل خاصية الـ"بلوك" في وجه "منتجي التفاهة ومُروجينها"، ممن باتوا يتسولون ويتوسلون اللايكات للرفع من عدد المشاهدات وحصد الملايين وتكديس الأرصدة البنكية ولو على حساب الشرف..
فرض الضرائب على صُناع المحتوى لا يكفي حسب ماقالوا
في خضم النقاش العمومي الدائر حول تقنين وتأطير العمل على منصات التواصل الاجتماعي لوضع حد لصناع التفاهة وأصحاب الروتيني اليومي المتلاعبين بأعراض الناس والقيم الأخلاقية، وفي ظل اتساع حرية التعبير واستفادة كثيرين من هامش صناعة المحتويات بحمولة تافهة، برزت من بين ثنايا هذا كله، مشاهد وصور وفيديوهات خادشة للحياء، ضاربة في العمق قيم الأخلاق، مستهدفة بالأساس هدم الأسر والعادات والثقافات العريقة بطعم الحشمة والوقار...
واقع مرٌّ فرض ذاته، جعل الحكومة وفي إطار مشروع قانون المالية الجديد لسنة 2025، تطرح الموضوع للنقاش حول فرض الضرائب وتشديد المراقبة على ممتلكات وأموال صناع المحتوى وممتهني التجارة الإلكترونية بهدف تحقيق سياسة العدالة الضريبية، حيث سيخضع هؤلاء (الأثرياء الجدد) لضريبة بنسبة 30 في المئة على مداخيلهم لصالح خزينة للدولة.
مُتابعات قضائية... للعدالة كلمتها
حملة تطهير الفضاء الأزرق من مروجي التفاهة، تزامنت واعتقالات ومحاكمات في حق مؤثرين وجدوا أنفسهم أمام التحقيق بناء على شكايات تقدم بها متضرون.
...لتبقى الكلمة للقضاء أولا وأخيرا، ويبقى المتهم بريء حتى تثبت إدانته...
للتكنولوجيا مساوئ ومزايا..وللأطفال حقوق وحماية قانونية
ونحن نتكلم عن مساوئ التكنولوجيا في علاقتها بمزاياها، لابد من التذكير هنا، بمخاطرها على الأطفال والمراهقين الذين يعتبرون من الفئات الأكثر تصفحا لمواقع التواصل الاجتماعي، ذلك ما يتطلب وضع قوانين صارمة تحمي هذه الفئة من المحتويات المسيئة للقيم والأخلاق، وتراقب حتى الداعمين لصناع التفاهة.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وحماية الأطفال
ونحن نتكلم عن مساوئ التكنولوجيا مقارنة مع مزاياها، أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤخرا، استشارة مواطنة عبر منصته “أشارك”، تروم إعداد الآراء حول استعمال الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي، مُقترحا جملة من مداخل العمل من أجل التوفيق بين مزايا التكنولوجيات الرقمية وضرورة حماية الأطفال من المخاطر المحتملة، مع تربيتهم على الاستعمال العقلاني والمسؤول لشبكات التواصل الاجتماعي.
ذلك، أن النتائج يضيف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أكدت على أن 88٪ من المشاركين يؤكدون على أهمية إدماج التربية الرقمية في المناهج الدراسية لتعزيز وعي الأطفال والحد من المخاطر المرتبطة باستعمال الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي على المدى البعيد.
يأتي هذا الرأي الذي أعده المجلس في إطار إحالة ذاتية، في سياق يتسم بالاستعمال المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي من طرف الأطفال، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.