ممارسات غير قانونية؛ مزاجية في العمل؛ امتناع عن نقل المواطنين، احتلال للأرصفة، زيادة غير قانونية في التعريفة، وغيرها من الإختلالات التي يتخبط فيها قطاع سيارات الأجرة بمدينة مراكش، والتي تزداد حدتها بشكل يثير الكثير من الإستغراب ويطرح مجموعة من علامات الإستفهام، لعل أبرزها سبب هذا الفشل الذي يمكن وصفه بـ”الذريع” في تنظيم قطاع من هذا الحجم.
جولة بمختلف محطات سيارات الأجرة بمدينة مراكش، خصوصا بمنطقة باب دكالة التي تعتبر المنطلق، كفيلة بتوضيح الصورة التي على ما يبدو أنها لا زالت مضببة في أعين المسؤولين عن القطاع بالمدينة الحمراء، بالنظر إلى حجم الفوضى التي لا زال القطاع يغرق فيها، مقابل ضعف تدخلات الجهات المعنية.
ففي باب دكالة وعلى طول شارع الحسن الثاني، على سبيل المثال لا الحصر، تستمر معاناة المواطنين يوميًا خصوصا خلال ساعات المساء، حيث يتحول البحث عن وسيلة نقل إلى كابوس يومي؛ عندما يبدأ الباحثون عن العودة إلى منازلهم بعد يوم عمل مضنٍ في التجمع ضمن مجموعات في عدد كبير من النقاط بالمناطق المذكور في انتظار سيارات الأجرة التي بات البحث عنها كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.
ومع حلول المساء، تزداد الحشود بشكل لافت، ويصبح الاكتظاظ سيد الموقف، الركاب ينتظرون بفارغ الصبر وصول سيارات الأجرة، لكن التنظيم العشوائي والتدافع للوصول إلى المقاعد القليلة المتاحة يزيد الوضع سوءًا، حيث يتحول الأمر إلى “سباق من أجل البقاء”، ومن حالفه الحظ فسيضمن لنفسه مقعدا، ومن تعثر فقد يضطر إلى الإنتظار لمدة أخرى تصل في بعض الأوقات إلى أزيد من ساعة تتكرر على مداها المعاناة، تسابق وتدافع، وفي بعض الأحيان توسل إلى السائقين من أجل التوقف، والفائز دائما؛ الأقوى.
وبالإضافة إلى ذلك، تشهد مجموعة من مواقف سيارات الأجرة بمدينة مراكش، فوضى وعشوائية، بسبب استغلال أصحاب “الطاكسيات” للأرصفة، بشكل فوضوي، كما هو الشأن بالنسبة لموقف سيارات الأجرة بشارع آسفي، وبحي المسيرة بشارع الصويرة، بالإضافة أيضا إلى فوضى التسعيرة التي تعرفها مجموعة من الخطوط خصوصا بمحطة “فريميجة”، فضلا عن مزاجية بعض أصحاب سيارات الأجرة في اختيار خطوط العمل، حيث يعمد البعض إلى “مقاطعة” خطوط دون غيرها في فترات معينة بسبب الإزدحام، قبل أن يعودوا إليها عندما يخف ضغط حركة السير، كما هو الحال بالنسبة للخط الرابط بين باب دكالة ودوار ايزيكي الذي هجره مجموعة من مهنيي سيارات الأجرة بسبب الإكتظاظ الذي يعرفه شارع الحسن الثاني، خصوصا في فترات الذروة، مما يعمق معاناة آلاف المواطنين الذين يعيشون في مجموعة من الاحياء بتراب مقاطعة المنارة، على غرار عين امزوار، ودوار العسكر، وازلي، ودوار ايزيكي، واحياء المسيرة، وغيرها من الاحياء المجاورة والمنتشرة على طول شارعي الحسن الثاني والصويرة.
هي مقتطفات قليلة فقط، من معاناة يومية رصدتها “كشـ24″، في مرات عديدة، وكانت موضوع شكايات ومناشدات من قبل متضررين توصلت بها الجريدة ونقلتها عبر مقالات عديدة، ورغم تكرار هذه الأزمة اليومية وتعمق فوضى القطاع، لم تظهر بوادر لتحسين هذا الوضع الذي حرك وزارة الداخلية، التي أصدرت تعليمات صارمة من خلال دورية وجهت إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، في شأن تنظيم القطاع وضبط الاختلالات التي تعيق تطوره، وهي التعليمات التي لم تظهر آثارها حتى الآن على أرض الواقع.
وفي هذا الإطار، تساءل عدد من المهتمين عن أسباب التأخر أو “التماطل” في تفعيل مضامين دورية وزارة الداخلية، علما أن تنظيم القطاع أصبح مسألة ملحة، بالنظر إلى إقبال المغرب على استضافة تظاهرات عالمية من قبيل مونديال 2030، ومن المخجل في هذه الحالة استمرار هذا الوضع.
وكانت وزير الداخلية عمم دورية على ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، وقف من خلالها عند عدد من مظاهر الفوضى التي تهم القطاع، ومنها الاستمرار في العمل بسيارات متهالكة، وعدم احترام عدد من المواصفات التقنية، والامتناع عن تقديم الخدمة لوجهات معينة، والانتقائية في نقل الزبناء.
كما تطرقت الدورية إلى التعامل غير اللائق مع الزبناء في بعض المرات، وعدم الالتزام بالتسعيرة وعدم استعمال العداد، وعدم الاهتمام بالهندام.
وقالت إن هذا الوضع يدفع عددا من البزبناء إلى عدم استعمال سيارات الأجرة واللجوء إلى استخدام سيارات خصوصية، واللجوء إلى خدمات نقل غير مرخصة وغير مهنية.
ودعت الدورية إلى تعزيز التواصل مع المهنيين، والعمل في الجمعيات المهنية لتحسيس العاملين في القطاع بأهمية العمل على تجويد الخدمات.كما دعت إلى تحيين القرارات العاملية التي تهم القطاع عند الضرورة للعمل على تجاوز عدد من المظاهر السلبية.
كما دعت إلى تنظيم محطات سيارات الأجرة بالقرب من المحطات الطرقية، ومحطات القطار، والمطارات والموانئ، ووضع حد لمظاهر الفوضى التي تعم هذه الفضاءات.
وطالبت بإشهار التسعيرة واحترامها، وتسهيل عملية تسجيل الشكايات من قبل الزبناء من خلال وضع أرقام هاتفية رهن إشارتهم.
وإلى جانب ذلك، تطرقت الدورة إلى العمل مع المصالح المختصة من أجل التتبع المستمر لعمل سيارات الأجرة، وفرض احترام شروط ومعايير الخدمة، ومواصلة الجهود لعصرنة المركبات، وتشجيع اعتماد التكنولوجيات الحديثة لخدمة الزبناء.