أحداث العنف المدرسي.. عندما يُجْلَد المُعلّم على أيادي مُتعلّمِيه
محمد منفلوطي_هبة بريس
نفتخر، ونقف لهم وقفة احترام وتقدير، لالشيء، سوى أنهم علّمونا أبجديات الحروف الهجائية، أخرجونا من ظلمات الجهل إلى نور الحق واليقين، إنهم شرفاء مهنة الطبشورة والسبورة السوداء..
يقفون شامخين، رغم تقدم السن، والاقتراب من معانقة التقاعد، على الرغم من الشيب رمز الوقار، إلا أنهم ظلوا مرابطين مناضلين مرافقين صغارهم على مقاعد العلم والمعرفة...
غريب هذا الزمان الذي باتت تُطل علينا فيه بين الفينة والأخرى، صفحات ومنصات التواصل الاجتماعي بأخبار ووقائع وأحداث تُدمي القلب لعنف مدرسي غالبا ما يُجلد فيه المُربي على أيادي من علمهم ولقنهم أبجديات الحروف الهجائية، نعم هي ظاهرة غريبة قاسية تُسائل الجميع، بل وتُسائل كل من ألقى السمع وهو شهيد...
كيفما كانت مجريات التحقيقات، ورغم القيل والقال وكثرة السؤال، ومهما علّق المعلقون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للنيل من المدرسة العمومية والعاملين بها من نساء ورجال التعليم الشرفاء، تبقى تلك الصور التي ترد اتباعا بشعة ومهينة ومسيئة لمنظومتنا التعليمية، مما يتطلب وقفة تأمل لتصحيح المسار قبل فوات الأوان، وما الاعتداءات التي باتت تط
hibapress.com
محمد منفلوطي_هبة بريس
نفتخر، ونقف لهم وقفة احترام وتقدير، لالشيء، سوى أنهم علّمونا أبجديات الحروف الهجائية، أخرجونا من ظلمات الجهل إلى نور الحق واليقين، إنهم شرفاء مهنة الطبشورة والسبورة السوداء..
يقفون شامخين، رغم تقدم السن، والاقتراب من معانقة التقاعد، على الرغم من الشيب رمز الوقار، إلا أنهم ظلوا مرابطين مناضلين مرافقين صغارهم على مقاعد العلم والمعرفة...
غريب هذا الزمان الذي باتت تُطل علينا فيه بين الفينة والأخرى، صفحات ومنصات التواصل الاجتماعي بأخبار ووقائع وأحداث تُدمي القلب لعنف مدرسي غالبا ما يُجلد فيه المُربي على أيادي من علمهم ولقنهم أبجديات الحروف الهجائية، نعم هي ظاهرة غريبة قاسية تُسائل الجميع، بل وتُسائل كل من ألقى السمع وهو شهيد...
كيفما كانت مجريات التحقيقات، ورغم القيل والقال وكثرة السؤال، ومهما علّق المعلقون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للنيل من المدرسة العمومية والعاملين بها من نساء ورجال التعليم الشرفاء، تبقى تلك الصور التي ترد اتباعا بشعة ومهينة ومسيئة لمنظومتنا التعليمية، مما يتطلب وقفة تأمل لتصحيح المسار قبل فوات الأوان، وما الاعتداءات التي باتت تطال نساء ورجال التعليم من أبناء الدار، أو من خارجها، إلا قشة ساهمت في كسر ظهر البعير وعرّت واقع العنف المدرسي التعليمي.
رجــــــــل التعلـــــــــيم بين الأمـــــس واليـــــــوم
الكل بات يحن للزمن الجميل، زمن الألعاب الجماعية في الأزقة والدروب والدواوير، ألعاب تغرس في المرء حب التعاون والتآزر والتآخي، فترى الفرد الصغير يتقاسم مع صديقه "قطعة خبز جاف" وترى في الجهة المقابلة آخرون يسارعون الخطى لمساعدة الشيخ الكبير والمرأة العجوز، وما هي إلا لحظات حتى يختفي الجميع لالشيء سوى أنهم لمحوا مُعلّمَهم وهو قادم نحوهم.. خوفا واحتراما وتقديرا.. إنه الزمن الجميل الذي أنتج شبابا ورجالا ونساء باتوا اليوم يمثلون العمود الفقري للأمة.
زمن اليوم، اختلت فيه الموازين، وطغت فيه أسهم المادة والربح السريع وخاصة لدى البعض من الباحثين عن مداخيل الساعات الإضافية، وبالتالي هوَت فيه بورصة القيم، وصار كل واحد يشتغل لنفسه ويكد لها لا لغيره، فاختفت الألعاب الجماعية بين صفوف الصغار، وهيمنت عليها الألعاب الفردية التي تكرس في المرء حب الذات والأنانية، فانغمس الصغير قبل الكبير في بحر البحث عبر الانترنت والهاتف النقال، وباتت مجالسة الجماعات بلا معنى وبلا روح وبلا نقاش يعود بالنفع، الجميع وقد أسدل عنقه صوب شاشة هاتفه، وتحول هذا الأخير إلى أداة لتوثيق المشاهد واللكمات واللقطات الحميمية ضمن انحلال خلقي مفضوح، وأضحى الكل يتتبع عورات الكل للإيقاع ببعضهم البعض من خلال الحصول على دليل الإدانة.. بل وأضحى الأستاذ والمعلم داخل الفصل وهما يحاوران طلبتهما وتلاميذهما وعيونهم تترصد كل كبيرة وصغيرة لعلهم يسقطون في "فخ التصوير" ويصبحون رهينة الابتزاز والتشهير... فضاعت القيم.
فلاغرابة أن تتوالى الأحداث اتباعا وليس من قبيل الصدفة، لاعتداءات طالت نساء ورجال التعليم، فلا غرابة أن تتحول العلاقة الأبوية التربوية التي تربط رجل التعليم بتلامذته إلى علاقة يسودها العنف بكافة أشكاله من سحل ورفس وضرب وتنكيل في أبشع صوره، كيف يمكن أن يصبح غدا التعليم قاطرة للتنمية، وهو يعيش اليوم أبشع صوره؟
كيف تحولت بعض من مؤسساتنا التعليمية إلى فضاء للرعب ومرتعا لشتى أنواع المخدرات والمظاهر المشينة؟ أين غاب دور الأسرة والمجتمع والمدرسة في تهذيب النفوس وترسيخ القيم؟ وهل يمكن لرجل التعليم أن يسترجع مكانته العلمية وهبته ووقاره داخل المجتمع؟
أستاذ تاه وراء إرضاء النفوس خوفا من لكمات تلامذته، واقتطاعات اضراباته إذا ما احتج وخرج للمطالبة بحقوقه المشروعة، حتى صار عبدا لــــــــ"أجرته الشهرية ينتظرها بشغف".
تلامــــــــــيذ يَجلدون مدرسيـــــــــــهم بطعم السخرية
لماذا انقلبت الصورة وبدت المؤسسة التعليمية وكأنها تفقد بوصلتها، وبدت معها المفاهيم وكأنها تتغير، بل وانتقل فيه تلاميذ معينون من فاعلين رئيسيين في العملية التعليمية التعلمية إلى شبه أبطال من ورق يستعرضون عضلاتهم على مدرسيهم ومعلميهم الذين أخرجوهم من ظلمات الجهل إلى نور الحق...
لماذا تحولت نظرة المجتمع لرجل التعليم من معلم كاد أن يكون رسولا إلى صورة تكاد تشبه الشيطان كعدو للانسان؟
انتشار الفيديوهات التي توثق لعمليات تنكيل وضرب ورفس داخل الفصول الدراسية ومحيطها، كأمكنة مقدسة كان من المفروض أن تكون فضاء للعلم وتبادل الخبرات وصقل المعارف، (انتشار) فضح المسكوت عنه داخل مؤسساتنا التعليمية، مما يتطلب وقفة رجل واحد لوضع حد لهذا الخلل.