إلى أساتذة التصحيح.. أمامكم أوراقٌ ليست كالأوراق
محمد منفلوطي - هبة بريس
طُويت صفحة الامتحانات، وطُويت معها ليال شاقة وأيام وشهور من التعب والجهد الجهيد من الاستعدادات والفروض والساعات الإضافية بالمال والجاه وتارة بقلة ذات اليد، ينتزعها المرء من مصاريف عائلته وأكله وشربه وأجرته ويُقدمها كقيمة وأداء بديل لدعم الدروس...
أساتذتي الكرام، أمامكم أوراق ليست كالأوراق، هي أمانات ثقيلة في الميزان، هي نتاج لمسيرة علمية معرفية أذهبت النوم من جفون تلميذات وتلاميذ وأسكنتهم الوحدة في بيوت منعزلة فوق مكاتب وأحيانا يفترشون الأرض قياما وقعودا وعلى جنوبهم يقرؤون يحللون يناقشون يفككون المعادلات.
أساتذتي الكرام، أمامكم أوراق ذات قيمة وستغير مسار صاحبها، إما نجاحا ومسَّرات وعبور إلى ضفة المجد والولوج إلى المدارس والمعاهد العليا، وإما احباطا وندما حيث لايفيد الندم..
أساتذتي الكرام من المصححين، أنتم أمام امتحان عصيب، تحملون بين أيديكم أوراقاً ليست كغيرها من الأوراق...ليست مجرد أسطر مكتوبة أو إجابات امتحان عادية، بل هي خلاصة وعُصارة لعام كامل من السهر، والتعب، والقلق، والأمل والبحث العلمي.
أساتذتي الكرام، وأنتم تمسكون القلم للتصحيح، تذكروا أن
hibapress.com
محمد منفلوطي - هبة بريس
طُويت صفحة الامتحانات، وطُويت معها ليال شاقة وأيام وشهور من التعب والجهد الجهيد من الاستعدادات والفروض والساعات الإضافية بالمال والجاه وتارة بقلة ذات اليد، ينتزعها المرء من مصاريف عائلته وأكله وشربه وأجرته ويُقدمها كقيمة وأداء بديل لدعم الدروس...
أساتذتي الكرام، أمامكم أوراق ليست كالأوراق، هي أمانات ثقيلة في الميزان، هي نتاج لمسيرة علمية معرفية أذهبت النوم من جفون تلميذات وتلاميذ وأسكنتهم الوحدة في بيوت منعزلة فوق مكاتب وأحيانا يفترشون الأرض قياما وقعودا وعلى جنوبهم يقرؤون يحللون يناقشون يفككون المعادلات.
أساتذتي الكرام، أمامكم أوراق ذات قيمة وستغير مسار صاحبها، إما نجاحا ومسَّرات وعبور إلى ضفة المجد والولوج إلى المدارس والمعاهد العليا، وإما احباطا وندما حيث لايفيد الندم..
أساتذتي الكرام من المصححين، أنتم أمام امتحان عصيب، تحملون بين أيديكم أوراقاً ليست كغيرها من الأوراق...ليست مجرد أسطر مكتوبة أو إجابات امتحان عادية، بل هي خلاصة وعُصارة لعام كامل من السهر، والتعب، والقلق، والأمل والبحث العلمي.
أساتذتي الكرام، وأنتم تمسكون القلم للتصحيح، تذكروا أنكم أمام أوراق تختزل حصيلة جهد جهيد لشباب يحلمون بغد أفضل، يحملون في قلوبهم طموحات كبيرة تتجاوز حدود الحبر والورق.
نعم، أمامكم أمانة ثقيلة لا تختلف اختلافا عن أمانة القاضي وهو يصدر الأحكام، فكل ورقة تحمل بين طياتها قصة تلميذة وتلميذ ربما كان يكتب بأصبعٍ مرتجفٍ من الخوف بقلب يكاد أن يطير من مكانه، أو بعينٍ سهرت الليالي الطويلة في المراجعة والاستعداد والضعف البدني.
أساتذتي الكرام، تذكروا أن منطق العدالة واتخاذ القرارات الحاسمة، والإنصاف في التصحيح ليست مجرد واجب مهني، بل مسؤولية أخلاقية وتربوية في المقام الأول، خذوا وقتكم وتمعنوا في الإجابات، وانظروا إلى كل ورقة بعين المُعلم العادل، لا بعين العابِر المُستعجل.
قد لا نرى وجوه هؤلاء التلاميذ وصفاتهم ومكانتهم الاعتبارية، لكن بين السطور نلمس قلوبهم...
جميعا بدون استثناء، نثق في حرصكم ومبادئكم وأخلاقكم على إعطاء كل ذي حق حقه، وفي قدرتكم على أن تكونوا جزءاً من فرحة هؤلاء التلاميذ حين يجنون ثمار تعبهم.
هذا ليس بغريب عنكم، فأنتم مصابيح الهدى وشرفاء المهنة، مهنة التدريس، التي كاد صاحبها أن يكون رسولا.