بعد إلغاء الأضحية.. مغاربة يبحثون عن الشناقة في الأسواق.. من المسؤول؟

هبة بريس - عبد اللطيف بركة في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام، عاد بعض المواطنين المغاربة إلى الأسواق باحثين عمّن اعتادوا التذمر من وجودهم كل عام وهم "الشناقة"، فرغم قرار إلغاء الأضحية لهذه السنة لأسباب اقتصادية واجتماعية لم يتخلّف هؤلاء عن عاداتهم، بل أصرّوا على اقتناء "الأكباش"، وكأن قرار الإلغاء لم يكن إلا ورقة في مهب الريح. المفارقة المؤلمة أن من كانوا بالأمس القريب يشتكون من جشع السماسرة وغلاء الأسعار، بل ويُحمّلونهم مسؤولية الفوضى الموسمية التي تعرفها أسواق الماشية إلى السلطات والوزارة المعنية ، هم أنفسهم اليوم من يتصيد أثرهم، وكأنهم لا يستطيعون العيش دونهم، وهذا ما يثير تساؤلاً نقدياً صارخا، هل الخلل حقاً في "الشناقة"؟ أم في ثقافة المستهلك التي لم تُراجع ذاتها؟. لقد كانت الحملات الفايسبوكية في السنوات الماضية تضج بصور الخرفان المنهكة وأساليب الغش، وكانت الانتقادات تطال الوسطاء الذين يرفعون الأسعار دون رقيب، وبلغ الأمر قبة البرلمان في أكثر من مناسبة، لكن حين تم اتخاذ قرار حازم بإلغاء الأضحية، لم نجد تحية لهذا التوجه أو حتى تفهماً جماعياً، بل رأينا من يتحايل على القر

بعد إلغاء الأضحية.. مغاربة يبحثون عن الشناقة في الأسواق.. من المسؤول؟
   hibapress.com
هبة بريس - عبد اللطيف بركة في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام، عاد بعض المواطنين المغاربة إلى الأسواق باحثين عمّن اعتادوا التذمر من وجودهم كل عام وهم "الشناقة"، فرغم قرار إلغاء الأضحية لهذه السنة لأسباب اقتصادية واجتماعية لم يتخلّف هؤلاء عن عاداتهم، بل أصرّوا على اقتناء "الأكباش"، وكأن قرار الإلغاء لم يكن إلا ورقة في مهب الريح. المفارقة المؤلمة أن من كانوا بالأمس القريب يشتكون من جشع السماسرة وغلاء الأسعار، بل ويُحمّلونهم مسؤولية الفوضى الموسمية التي تعرفها أسواق الماشية إلى السلطات والوزارة المعنية ، هم أنفسهم اليوم من يتصيد أثرهم، وكأنهم لا يستطيعون العيش دونهم، وهذا ما يثير تساؤلاً نقدياً صارخا، هل الخلل حقاً في "الشناقة"؟ أم في ثقافة المستهلك التي لم تُراجع ذاتها؟. لقد كانت الحملات الفايسبوكية في السنوات الماضية تضج بصور الخرفان المنهكة وأساليب الغش، وكانت الانتقادات تطال الوسطاء الذين يرفعون الأسعار دون رقيب، وبلغ الأمر قبة البرلمان في أكثر من مناسبة، لكن حين تم اتخاذ قرار حازم بإلغاء الأضحية، لم نجد تحية لهذا التوجه أو حتى تفهماً جماعياً، بل رأينا من يتحايل على القرار، ويبحث عن الطرق الخلفية لممارسة الطقوس وكأنها فرض لم يُسقطه عذر. هذا السلوك، الذي يندرج تحت ما يمكن تسميته بـ"الجهل المقدس"، يكشف خللاً بنيوياً في فهم الدين والتقاليد، فالأضحية شعيرة سنها الإسلام لمن استطاع، وليست عبادة قسرية تستوجب التحايل على الظروف والقرارات، ناهيك عن تكريس سلوك استهلاكي متهور في زمن يتطلب الوعي والواقعية. من هنا، يتأكد لنا أن "الشناقة" ليسوا سوى نتيجة لمعادلة أكبر، طرفها الآخر هو المواطن نفسه، فبغياب وعي جماعي حقيقي، لا معنى للتباكي ولا جدوى من توجيه أصابع الاتهام للغير. "الصداع" الذي يصاحب كل موسم أضحى ليس نتاج فئة بعينها، بل نتاج تراكمات من السلوكيات التي لم تجد من يراجعها أو يحاسبها. في النهاية، لن يُفلح أي إصلاح أو قرار ما لم يواكبه تغيير في العقليات، أما التمادي في جلد الآخر والبحث عن "الشناقة" بعد اختفائهم، فهو لا يعدو أن يكون دليلاً على أن المشكل، كل المشكل، يبدأ من المواطن نفسه.