تجاوزات تستلزم التدخل العاجل لتدارك الوضع المزري بالمستشفى الإقليمي بمدينة سطات

ثمة مشكلة بمدينة سطات مطروحة بصورة ملحة على أنظار السلطات الصحية لاتستوجب أدنى تأخير في معالجتها، لأنها باتت تؤرق الجميع، لما يترتب عليها من مآسي وفواجع وآلام، وأصبح من غير المقبول مهنيا و أخلاقيا واجتماعيا وإنسانيا السكوت والتغاضي عنها، وهي مشكلة المؤسسة الاستشفائية الإقليمية الحسن الثاني بالذات. لنكن واضحين منذ البداية، وحتى لا نستعجل أحدا […]

تجاوزات تستلزم التدخل العاجل لتدارك الوضع المزري بالمستشفى الإقليمي بمدينة سطات
   kech24.com
ثمة مشكلة بمدينة سطات مطروحة بصورة ملحة على أنظار السلطات الصحية لاتستوجب أدنى تأخير في معالجتها، لأنها باتت تؤرق الجميع، لما يترتب عليها من مآسي وفواجع وآلام، وأصبح من غير المقبول مهنيا و أخلاقيا واجتماعيا وإنسانيا السكوت والتغاضي عنها، وهي مشكلة المؤسسة الاستشفائية الإقليمية الحسن الثاني بالذات. لنكن واضحين منذ البداية، وحتى لا نستعجل أحدا بالسيئة قبل الحسنة، ورفعا لكل التباس، ومساهمة منا في إثارة الانتباه لتقويم ما اعوج من أمور وممارسات باتت شائنة و مسيئة وللقيام بما يلزم لردع بعض ذوي النفوس الضعيفة الميالة للسوء والأذى والمتهافتين على المصالح الشخصية والمستهترين بصحة الناس والمستخفين بالواجب، فإننا لا نتوجه باللوم والاتهام لأحد بعينه و بذاته، لأن هناك من هو مخول له القيام بذلك.  وكذلك حتى لا نقوم بالتعميم المجاني، هناك من الشرفاء من هم في منأى عن كل شبهة، وإنما صار من حقنا بعدما طفح الكيل وفاحت الرائحة وانتشرت الفضائح وسرت في المدينة وفي الرأي العام المحلي و الوطني سريان النار في الهشيم، أن ننبه إلى خطورة ماصار يرشح به هذا المرفق الاستشفائي العمومي لفك الحصار المضروب عما يجري فيه عبر الفضح والنقل لكي يتحمل كل واحد مسؤوليته ولوضع الخارجين عن القانون والمخلين بالواجب عند حدهم، واتخاذ المناسب واللازم من المساطر في حقهم، حفظا للناس وحماية لصحتهم وصونا لسلامتهم ورعاية لها. بالأمس القريب سمعنا عن أدوية منتهية الصلاحية تباع في أحد المحلات بجوار هذه المؤسسة الاستشفائية وغيرها من لوازم وأدوات ذات الاستعمال الطبي والاستشفائي، بطلها أحد الذين لم يجدوا بدا من المتاجرة في صحة الناس والمواطنين، في واضحة النهار و بجوار «السبيطار» «على عينيك يا بن عدي» ! لكن بتواطؤ مفضوح ومكشوف من داخل هذه المؤسسة الصحية، ألم ترد أسماء بعضهم خلال عمليات البحث والتحريات التي قامت بها السلطات الأمنية، بعد افتضاح الامر، والتي أماطت اللثام عن عمليات السرقة و البيع والشراء التي يقوم بها البعض لمقتنيات المستشفى ولأدويته ولوازمه الطبية وتجهيزاته الموردة؟. أن يتجرأ البعض على الإقدام على مثل هذه الأفعال يدل دلالة تقطع الشك باليقين أن هناك تسيبا جاوز كل حد وأن هناك غيابا للمراقبة مما يطرح علامات استفهام عن السير العام لهذه المؤسسة وعن الشكل التدبيري الذي تنتهجه إدارتها، قد تكون انفلاتات وعدم الاكتراث لعاقبة الأمور هنا وهناك، مصدرها سوء تقدير شخصي، يمكن التنبيه إليها وقضي الأمر، لكن أن تتكرر هذه المظاهر ليصبح الواقع ظاهرة عامة فهذا ما لا يمكن استساغته و هضمه بأي حال من الأحوال، وهو يعني بالبينة الدامغة أن هناك منطقا ثابتا وراء هذه السلوكيات غير القويمة وغير السوية وغير الشريفة والبعيدة كل البعد عن الديونتولوجيا déontologie التي وضعها ابقراط منذ آلاف السنين، التي باتت جزءا لايتجزأ من هذا المرفق الصحي العمومي، وهو ما أصبح لسان حال العام والخاص، بل أصبح هذا المستشفى الإقليمي بؤرة سوداء في أعين المواطنين على امتداد المدينة وكامل الإقليم إلى درجة أن الكثيرين منهم باتوا يفضلون العلاج والاستشفاء في أماكن ومؤسسات صحية أخرى، قد تكون بعيدة عن أماكن سكناهم وعن مدنهم وقراهم في أحايين كثيرة وما يتبع كل ذلك من أتعاب ومشاق السفريات والتنقل، مفضلين التحمل والعناء والتكبد على أن يولوا وجههم صوب هذه المؤسسة، كيف لا و الناس ترى بأم أعينها الغياب التام للأطباء في أكثر من مرفق وجناح خلال أوقات العمل، بل الأخطر حينما يمارس بعضهم ويزاول في ذات الوقت، خارج مؤسسته الأصلية بغاية الاسترزاق والبحث عن مداخيل إضافية باتباع الطريق السهل لتحقيق الاهواء والمتمنيات والأحلام والطموحات والكماليات، لا يهم إن كانت مشروعة أوغير مشروعة، المهم هو «يدير الواحد علاش يرجع» ليحضر الهم المصلحي ويغلب على الهم الطبي و المهني. هذا، في الوقت الذي تعرف فيه البوادي والقرى والمداشر خصاصا مهولا في الطاقم الطبي والاستشفائي، على أن هناك ما هو أخطر من كل ذلك حينما يتعاقد، والأصح يتواطأ، بعضهم مع خواص (مشافي خصوصية أو شبه عمومية )، ليصبح عمله المؤدى عنه من طرف الدولة كمشغلة له «غير خضرة فوق طعام». وهذا الوضع تترتب عنه مآسي، تصيب في الصميم الحياة البشرية، حيث الإهمال وانعدام الرعاية الطبية الضرورية، وخاصة وسط المعدمين والمعوزين من الناس، الذين يعاملون، اضافة الى ذلك، بشكل فظ وغير لائق كما لو انهم يتم المن عليهم من أحد، حتى أصبح الطابع الذي يظهر عليه هذا المرفق الاجتماعي العمومي مرادفا للمرارة و العذاب والقسوة والإهمال بدل الرحمة والرأفة والشفقة و الإنسانية، ناهيك عن إبرام بعضهم الصفقات مع بائعي المعدات واللوازم الطبية المخصصة للعمليات الجراحية، لتتم بعد ذلك عمليات توجيه المرضى كزبناء نحو هؤلاء الباعة لاقتناء ما يلزم للتدخل الجراحي مستغلين نفوذهم الطبي وجهل الغالبية العظمى من مرضاهم، الذين يستسلمون في النهاية لإرادة هؤلاء الحانثين بقسم أبقراط ويمتثلون لأوامرهم ويكون للحانثين ما يشاؤون، أليس من العار أن يساهم بعض نخبنا وأطرنا في تفشي ممارسات ريعية؟. لماذا التستر على هؤلاء الذين افتقدوا كل ضمير أخلاقي ومهني، ولماذا تعطيل الآليات الردعية والزجرية الواجبة تجاههم لثنيهم عن انحرافهم وغيهم، وعدم تفعيل المساطر القانونية والإدارية جزاء لمخالفاتهم، ناهيك عن الممارسات ذات الصلة بالرشوة والمحسوبية والابتزاز التي صارت ظاهرة لصيقة بالمرفق الصحي الى درجة التماهي، والتي يعتبر مستشفى الحسن الثاني نموذجها الأبرز وعنوانها الكبير، بل الطريف والغريب ان لم نقل الخطير، ان هذه الممارسات البعيدة عن روح المواطنة الحقة والمخلة بالواجب المهني والمتعارضة مع الضمير الاخلاقي والمنافية للمواثيق والصكوك الدولية، صار يتم التبجح بها والترويج لها علانية ودون استحياء او خوف أثناء الأحاديث الجانبية وغير الجانبية لبعض العاملين و المسؤولين بهذا المرفق الصحي. كيف ستعالج حكومة اخنوش، معضلة هذا المرفق الصحي العمومي؟ كيف نسترجع الثقة المفقودة للمواطن السطاتي، ونعيد بالتالي الاعتبار للطب العام؟ كيف يمكن ردم الهوة السحيقة التي تشكلت لسنين وسنين لتغيير التمثلات الذهنية السلبية الناتجة عن فوبيا phobie للمواطنين تجاه هذه المؤسسة الاستشفائية؟ ما العمل لتجويد القطاع وتحسين الاستقبال وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للعموم بشكل عادل يضمن الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية الأساسية؟ كيف السبيل لجعل الفئات ذات الدخل المحدود تستفيد من هذه الخدمات وبصفة خاصة في الولادة والمستعجلات وجعل الأدوية الأساسية في متناولها بدون ابتزاز أو مراوغة؟ كيف يمكن تجويد المنظومة الصحية وخدماتها وتحقيق سياسة القرب في المجال الصحي في ظل الظاهرة الكاسحة للمشتغلين خارج القانون مع القطاع الخاص، بدون ضوابط وبدون إذن أو تصريح من الجهات والسلطات الصحية المختصة، رغم الخصاص الكبير و المهول الذي تعانيه عدة مناطق ؟ ما السبيل لتنزيل متمنيات التصريح الحكومي الأخير في المجال الصحي إلى تدابير إجرائية وعملية من أجل تفعيل المقاربة التشاركية وتجسيد خدمات القرب في المجال الصحي، وبالتالي تحسين المؤشرات الصحية وفق احتياجات وتطلعات ساكنة إقليم سطات؟ أسئلة حارقة في المجال الصحي والطبي، تطرحها ساكنة الإقليم و المواطن السطاتي وينتظرون إجابات حقيقية جدية وحاسمة عنها، من طرف القائمين على الشأن الصحي، علها تشفي غليلهم وتطفئ النار التي يكتوي بلهيبها المرتفقون بهذه المؤسسة الاستشفائية .   حميد الحنصالي