حالة “التلبس”في القانون الجنائي أداة فعالة لمكافحة الجريمة

هبة بريس-عبد اللطيف بركة  تعتبر "حالة التلبس" من المفاهيم القانونية المهمة في القانون الجنائي المغربي، حيث تُشكّل إحدى الآليات الأساسية في مجال الإجراءات الجنائية، التي تمكن السلطات القضائية من التدخل السريع لمكافحة الجرائم ومنع الجناة من الإفلات من العقاب. ولقد نص المشرع المغربي على حالة التلبس في قانون المسطرة الجنائية بشكل يهدف إلى تسريع الإجراءات والموازنة بين حقوق المتهم وضمانات الدفاع في إطار الإجراءات الجنائية. وسنتناول في هذه المقالة ماهية التلبس، شروطه، آثاره القانونية، وكيفية التعامل معه في إطار قانون المسطرة الجنائية المغربي. تعريف حالة التلبس: حسب الفصل 56 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، يُعتبر التلبس بالحالة التي يمكن خلالها للسلطات الأمنية (الشرطة أو الدرك) أن تقوم بتوقيف المشتبه به مباشرة بعد ارتكابه لجريمة، أو عند وجود دلائل قوية تُشير إلى أنه ارتكب الجريمة في الحال أو بالقرب من المكان. وهذا يُعتبر استثناءً من قاعدة وجوب إصدار إذن قضائي قبل القيام بأي تدخل. التلبس في القانون المغربي التلبس في القانون المغربي هي الجريمة التي تُشاهد أو تعاين أوقاتها أو ي

حالة “التلبس”في القانون الجنائي أداة فعالة لمكافحة الجريمة
   hibapress.com
هبة بريس-عبد اللطيف بركة  تعتبر "حالة التلبس" من المفاهيم القانونية المهمة في القانون الجنائي المغربي، حيث تُشكّل إحدى الآليات الأساسية في مجال الإجراءات الجنائية، التي تمكن السلطات القضائية من التدخل السريع لمكافحة الجرائم ومنع الجناة من الإفلات من العقاب. ولقد نص المشرع المغربي على حالة التلبس في قانون المسطرة الجنائية بشكل يهدف إلى تسريع الإجراءات والموازنة بين حقوق المتهم وضمانات الدفاع في إطار الإجراءات الجنائية. وسنتناول في هذه المقالة ماهية التلبس، شروطه، آثاره القانونية، وكيفية التعامل معه في إطار قانون المسطرة الجنائية المغربي. تعريف حالة التلبس: حسب الفصل 56 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، يُعتبر التلبس بالحالة التي يمكن خلالها للسلطات الأمنية (الشرطة أو الدرك) أن تقوم بتوقيف المشتبه به مباشرة بعد ارتكابه لجريمة، أو عند وجود دلائل قوية تُشير إلى أنه ارتكب الجريمة في الحال أو بالقرب من المكان. وهذا يُعتبر استثناءً من قاعدة وجوب إصدار إذن قضائي قبل القيام بأي تدخل. التلبس في القانون المغربي التلبس في القانون المغربي هي الجريمة التي تُشاهد أو تعاين أوقاتها أو يضبطفاعلها أثناء ارتكابه للجريمة و أو بعد تنفيذه للجريمة بوقت قصي، نص عليها المشرع المغربي في المواد من 56 إلى 77 من قانون المسطرة الجنائية. التلبس في القانون المغربي هي الجريمة التي تُشاهد أو تعاين أوقاتها أو يضبطفاعلها أثناء ارتكابه للجريمة و أو بعد تنفيذه للجريمة بوقت قصي، نص عليها المشرع المغربي في المواد من 56 إلى 77 من قانون المسطرة الجنائية. يحدد الفصل 56 من قانون المسطرة الجنائية شروط التلبس كما يلي: تتحقق حالة التلبس بجناية أو جنحة: أولاً: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها؛ ثانياً: إذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها؛ ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي، أو وجد عليه أثر أو علامات تثبت هذه المشاركة. يعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة، ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة إذا التمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط للشرطة القضائية معاينتها. وبالتالي فإنه يعتبر من قبيل التلبس في الجريمة، ارتكاب جريمة داخل منزل، أو ضبط الجاني و هو يقترف الجريمة، او أن يتابع الجاني من الناس يصيحون بقيامه للجريمة، أو ظهور الجاني و فيه دلائل على الجرية كبقع دماء أو معه أسلحة أة آثار تدل على الجريمة، أو في حالة وقوع جريمة داخل منزل فيتصل الصاحب المنزل بالشرطة القضائيى للحضور و معاينة الجريمة. شروط تحقق التلبس : 1 - أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس. 2 - أن تتوفر إحدى حالات التلبس الأربعة. 3 - أن تحصل المشاهدة من قبل ضابط للشرطة القضائية. أن تتم المشاهدة بصورة مشروعة، بمعنى أن يكون ضابط الشرطة القضائية في وضعية قانونية و تحصل المشاهدة طبقا للقانون. مسطرة البحث في حالة التلبس: تبدأ بانتقال ضابط الشرطة القضائية إلى مكان الجريمة لمعاينته و جمع الأدلة و إيقاف مرتكب الجريمة إن كان لازال في مكانه، كما يقوم ضابط الشرطة القضائية بإبلاغ النيابة العامة بالجريمة كما نصت عليه الفصل 57 من قانون المسطرة الجنائية: يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي أشعر بحالة تلبس بجنحة أو جناية أن يخبر بها النيابة العامة فوراً وأن ينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها لإجراء المعاينات المفيدة. يمكن لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس أن يقوم بتفتيش جسدي على كل شخص تم وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية، كما يقوم بإنجاز محضر بدون فيه كل الإجراءات و كل ما هو متعلق بالجريمة، كما يمكنه حجز كل ما هو متعلق بالجريمة لاستعمالها كدليل لاحقا. شروط حالة التلبس: للتأكد من وجود حالة التلبس، يجب توافر مجموعة من الشروط الأساسية: ارتكاب الجريمة أو استمرارها: ينبغي أن يكون الجاني قد ارتكب الجريمة بالفعل أو كان في حالة تنفيذ الجريمة عندما يتم ضبطه. بمعنى آخر، يجب أن تكون الجريمة قد بدأت أو أن آثارها لا تزال قائمة. الظروف الزمنية والمكانية: يجب أن يكون الفعل الإجرامي قد وقع في وقت قريب جداً من اللحظة التي يتم فيها ضبط الجاني، أي أن يتم اكتشافه أثناء أو بعد تنفيذ الجريمة بفترة قصيرة جداً. كما يجب أن يتم اكتشاف الجريمة في المكان ذاته أو في مكان قريب منها. وجود الدلائل: يجب أن تكون هناك دلائل مادية أو شهود تثبت وقوع الجريمة أو تدعم الشبهة بشكل قوي. بمعنى أن توافر هذه الدلائل يسهل على السلطات المعنية اتخاذ الإجراءات السريعة. آثار حالة التلبس: تترتب على حالة التلبس آثار قانونية هامة، تضمن سرعة الإجراءات وتفادي إفلات الجاني من العقاب، ومنها: التوقيف المباشر: يمكن للشرطة توقيف المتهم مباشرة، حتى بدون إذن قضائي، بمجرد وجود حالة التلبس، مما يمنع الجاني من الفرار. التفتيش بدون إذن قضائي: من حق السلطات الأمنية إجراء تفتيش مباشر للمكان الذي تقع فيه الجريمة أو في محيط الجاني إذا كانت هناك شبهات قوية بأن الأدلة ستكشف هناك. القبض على الجاني: يمكن القبض على الشخص فور ارتكابه الجريمة أو حال تلبسه بها، مما يسرع من بدء التحقيقات. ضمانات المتهم في حالة التلبس: رغم أن حالة التلبس تتيح للسلطات القيام بإجراءات سريعة، إلا أن القانون الجنائي المغربي يوفر بعض الضمانات للمتهم، أهمها: حق الدفاع: يمكن للمتهم الدفاع عن نفسه أثناء التحقيقات، ولديه الحق في أن يكون له محامٍ للدفاع عنه أمام المحكمة. إجراءات التفتيش والقبض: حتى في حالة التلبس، يجب أن تتم إجراءات التفتيش والقبض وفقاً للقانون. على سبيل المثال، يجب أن تتم عملية التفتيش في حدود المكان الذي ارتُكبت فيه الجريمة، ولا يمكن توسيع نطاق التفتيش بشكل تعسفي. التقيد بالحقوق الإنسانية: يجب أن تظل حقوق المتهم محترمة، وعدم تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة. تعد حالة التلبس في القانون الجنائي المغربي من الأدوات الفعالة لمكافحة الجريمة، حيث توفر إمكانية التدخل السريع لضبط الجاني ومنع الإفلات من العقاب. ومع ذلك، تظل هذه الحالة مشروطة بمجموعة من الشروط والإجراءات التي تضمن تحقيق التوازن بين سرعة الإجراءات وحماية حقوق المتهم. ويبقى تحقيق العدالة الجنائية في المغرب رهيناً بمدى احترام هذه الضمانات، والحفاظ على توازن دقيق بين سلطات الدولة وحقوق الأفراد.