حسنية أكادير تنجو من السقوط وتبقى في “الإنعاش”
هبة بريس - عبد اللطيف بركة
مساء يوم أمس السبت 31 ماي، على أرضية ملعب أدرار الدولي، تنفّست جماهير حسنية أكادير الصعداء، بعد أن نجا فريقهم من الكارثة التي ظلّت تلوح في الأفق طوال موسم شاق، وضمن البقاء في القسم الأول عقب مباراة السد المصيرية مع رجاء بني ملال .
لم تكن فرحة الانتصار فقط، بل كانت لحظة خلاص من كابوس طويل، عايشه الفريق وأنصاره على مدى شهور من القلق والتذبذب، وضياع البوصلة.
من عنق الزجاجة إلى مفترق الطرق
صحيح أن البقاء في قسم الكبار إنجاز في حد ذاته في ظل الوضعية المعقدة التي عاشها النادي، لكنه لا يُخفي حجم الأعطاب البنيوية التي ضربت الحسنية هذا الموسم، لم تكن مجرد كبوة رياضية عابرة، بل أزمة متراكمة، كشفت عن خلل في التسيير، وقصور في التدبير المالي، وارتباك على المستوى الفني.
كشفت سنوات الأزمة التي عاشتها الحسنية، ان الفريق ومستقبله رهين بتغيير عقلية كل من يشرف على أمور النادي من بعيد او من قريب، وتغيير الأساليب من النكران والجحود إلى العمل والاجتهاد، فالنادي كل من دبر اموره المالية يخرج وفي ذمته عدة تهم ، بل قد يجد نفسه يوما ما في كل جدران اكادير والنواحي اغلبهم كتبت
hibapress.com
هبة بريس - عبد اللطيف بركة
مساء يوم أمس السبت 31 ماي، على أرضية ملعب أدرار الدولي، تنفّست جماهير حسنية أكادير الصعداء، بعد أن نجا فريقهم من الكارثة التي ظلّت تلوح في الأفق طوال موسم شاق، وضمن البقاء في القسم الأول عقب مباراة السد المصيرية مع رجاء بني ملال .
لم تكن فرحة الانتصار فقط، بل كانت لحظة خلاص من كابوس طويل، عايشه الفريق وأنصاره على مدى شهور من القلق والتذبذب، وضياع البوصلة.
من عنق الزجاجة إلى مفترق الطرق
صحيح أن البقاء في قسم الكبار إنجاز في حد ذاته في ظل الوضعية المعقدة التي عاشها النادي، لكنه لا يُخفي حجم الأعطاب البنيوية التي ضربت الحسنية هذا الموسم، لم تكن مجرد كبوة رياضية عابرة، بل أزمة متراكمة، كشفت عن خلل في التسيير، وقصور في التدبير المالي، وارتباك على المستوى الفني.
كشفت سنوات الأزمة التي عاشتها الحسنية، ان الفريق ومستقبله رهين بتغيير عقلية كل من يشرف على أمور النادي من بعيد او من قريب، وتغيير الأساليب من النكران والجحود إلى العمل والاجتهاد، فالنادي كل من دبر اموره المالية يخرج وفي ذمته عدة تهم ، بل قد يجد نفسه يوما ما في كل جدران اكادير والنواحي اغلبهم كتبت في حقه " إرحل " دون أن يرحل أحدا في حقيقة الوضع.
هناك كذلك أزمة الإقصاء من ملعب أدرار لفترات طويلة بسبب الإصلاحات، لعب بدورها بشكل سلبي في تأزيم الوضع، بعدما فقد الفريق عاملاً نفسياً وتكتيكياً مهما وهو الجمهور والدعم المحلي، حيت لا يمكن التقليل من أثر اللعب في "المنفى" بالنسبة لنادي جماهيري مثل الحسنية.
فالمدرجات الفارغة والترحال المستمر أضعفا الأداء وزادا من عزلة اللاعبين، الذين فقدوا جزءاً من هويتهم في غياب الأجواء السوسية الحماسية.
أزمة التعاقدات... ومنعطف التخطيط
الحظر المفروض على الانتدابات بسبب النزاعات المالية مع الجامعة والفيفا عرى محدودية التركيبة البشرية للفريق. هذا الوضع وضع الطاقم التقني في خانة ضيقة، وفرض عليه البحث عن حلول ترقيعية بدل بناء مشروع كروي مستقر.
هناك النقص في بعض المراكز، وغياب البدائل، أثرا على جودة الأداء وأفرزا فريقاً بلا أنياب حقيقية، لا في الهجوم ولا في الدفاع.
المدرب، رغم محاولاته، وجد نفسه عاجزاً عن استنهاض الهمم في ظل منظومة مختلّة، وسط إدارة مثقلة بالأزمات المالية، وغير قادرة على توفير مناخ ملائم لبناء فريق تنافسي، والجمهور، الذي طالما صبر، بدأ يفقد ثقته في وعود المسؤولين.
من النجاة إلى المساءلة: ما بعد البقاء
البقاء في القسم الأول لا يجب أن يُقرأ فقط على أنه نهاية موسم مأساوي، بل كنقطة انطلاق لإعادة الهيكلة، فالمشكل لم يكن في اللاعبين فقط، بل في منظومة متآكلة تبدأ من الإدارة، مروراً بالتسيير المالي، وصولاً إلى ضعف التواصل مع الجمهور، الذي ظل الحلقة الأكثر وفاءً رغم كل الإحباطات.
هل ستكون لحظة البقاء بمثابة "الدرس الأخير" قبل السقوط الحقيقي؟ أم مجرد تأجيل لمصير بات محسوماً في حال استمرت الأمور على ما هي عليه؟
الجواب بيد من يدير الفريق، ومن يمتلك الشجاعة لفتح ملفات الفساد، وسوء التسيير، واتخاذ قرارات قد تكون موجعة، لكنها ضرورية.
نداء إلى المستقبل: مشروع وليس ترميم
على مسؤولي الحسنية أن يدركوا أن "الترقيع" لن ينقذ الفريق في الموسم القادم. المطلوب هو مشروع شامل عبر إعادة هيكلة إدارية، تسوية الوضعية المالية، استعادة الملعب والجماهير، وإطلاق دينامية رياضية تُبنى على أسس واقعية. لا بد من الانفتاح على مستثمرين جدد، وإعادة النظر في علاقة النادي مع محيطه الاجتماعي والاقتصادي.
فالحسنية ليست فقط فريق كرة قدم، بل رمز لمدينة بأكملها، ولهوية أمازيغية راسخة، الحفاظ عليه في القسم الأول يجب أن يُترجم إلى التزام جماعي لبناء فريق لا يصارع من أجل البقاء، بل ينافس من أجل الألقاب كما كان الحال في زمن قريب، فمهما نجت الغزالة السوسية من السقوط، لكنها لم تخرج بعد من غرفة الإنعاش. البقاء ليس نهاية القصة، بل بدايتها الحقيقية. فإما أن يُعاد بناء الفريق على أسس جديدة، أو أن تظل الحسنية تُراوغ شبح السقوط كل موسم حتى يبتلعها الواقع المر ذات يوم.