محمد منفلوطي - هبة بريس
تعيش غابة المزامزة بالمدخل الشمالي لمدينة سطات، وضعًا مقلقًا بسبب الإهمال والتهميش وتبني سياسة الإعدام والقطع، بل وتحولت إلى قبلة للتخلص من مخلفات البناء. علما أن هذه الثروة الغابوية تعد من أهم المواقع الإيكولوجية، بل وتعتبر رئة عاصمة الشاوية التي تضمن الهواء العليل لساكنتها، ولما لا وهي التي تمتد على مساحات شاسعة تحيط بالمدينة من كل الأطراف: شرقا وغربا وشمالا.
هذا الفضاء الغابوي الذي يمنح للمنطقة فضاءات خضراء ومسالك لممارسة شتى أنواع الرياضات، كانت الحياة تذب فيه وكان قبلة للحيوانات الأليفة والبرية والأشجار الباسقة مع البنايات المتكاملة. كما أنه كان يتوفر على حراسة كافية لحماية فضاءاته من التخريب والتطاول والرعي الجائر، لكنه اليوم أضحى يعيش وضعًا مختلفًا.
المديرية الإقليمية للمياه والغابات بسطات، هي الأخرى معنية بهذا العمل، وهي دعوة صريحة إليها للتدخل لإعادة تأهيل الفضاء الغابوي من خلال تشجيره ومحاربة مختلف المظاهر التي من شأنها أن تعدم الفضاء الغابوي الذي يعتبر الرئة الأساسية للتنفس بعاصمة الشاوية. كما يجب تفعيل أدوار الشرطة الإدارية وكافة المتدخلين في هذا الصدد لوقف هذا النزيف الذي يهدد الفضاء البيئي بالمدخل الشمالي وحتى بالغابة المحاذية لحي الفرح بالمدخل الغربي.
هذا النزيف الذي يحدث أضرارًا بصحة الإنسان، لاسيما الأطفال الصغار الذين يجدون أنفسهم منهمكين في عمليات فرز هذه المخلفات التي غالبًا ما تحتوي على مكونات خطيرة كالقطع الحديدية والخشبية والزجاجية التي قد تسبب لهم ضررًا بالغًا. علما أن الظاهرة أخذت منحى تصاعديًا في الآونة الأخيرة بفعل تعمد البعض التخلص من مخلفات الترميم أو حتى البناء داخل الأحياء. وهذا يعكس، حسب وصف العديد من المتتبعين للشأن البيئي، منظرًا سلبيا للمدينة والأحياء السكنية وفضاءاتها الغابوية. مع العلم أن إزالة هذه المخلفات يقع على عاتق صاحب المشروع فهو المسؤول الأول عن تنظيف الركام الخارج من منزله، كما يجب على المجلس البلدي التحرك للضرب بيد من حديد على المخالفين المتسببين بهذا التشويه.
هذا غيض من فيض لما يعرفه القطاع البيئي من تراجع، مما يتطلب وضع خطة محكمة بعيدة المدى من أجل الحفاظ على ديمومة الفضاءات الخضراء في أفق تحقيق التنمية المستدامة لكافة أحياء المدينة ومحيطها الغابوي، مع تحديد مسؤوليات ومهام وتوضيح أدوار كل المتدخلين في تدبيره. كما يجب توفير حراسة دائمة ومستمرة خاصة للأماكن التي تعرف كثرة الزوار.
كل ذلك يتطلب معالجته وفق مقاربة تشاركية لتعزيز المسيرة التنموية للمغرب عامة ومدينة سطات خاصة، وتنمية دور الجهات الوصية على القطاع، بمعية فعاليات المجتمع المدني، بهدف الرفع من نسق حماية البيئة، بما سيساعد على كسب رهان التنمية المستدامة الذي أصبح من رهانات الساعة، لا فقط في وطننا بل أيضًا في جل دول العالم. وهو رهان ارتقى به الملك محمد السادس إلى مستوى الأولوية المطلقة في المسيرة التنموية للمغرب وجعله الهدف المشترك لكل السياسات من خلال مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وكذا تعزيز حضور البيئة في الدستور المغربي الجديد.