يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الإثنين 28 أكتوبر الجاري زيارة دولة إلى المغرب على أعلى مستوى بروتوكولي تستمر ثلاثة أيام، يرافقه خلالها وفد من السياسيين والمثقفين ورجال الأعمال بعد عدة سنوات من التوتر.
وبمناسبة الزيارة الهامة، سيرافق الرئيس وزوجته بريجيت وفد واسع يضم وزيري الداخلية برونو ريتايو والجيوش سيباستيان ليكورنو.
وتأتي زيارة ماكرون بعد نحو ثلاثة أشهر من إعلان فرنسا دعمها للموقف المغربي بشأن الصحراء، ومساندة خطة المملكة لمنح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية.
في 30 يوليوز، اعتبر إيمانويل ماكرون أن “حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”، ما فتح الطريق أمام التقارب مع الرباط .
كما سيجري ماكرون يوم الثلاثاء مباحثات ثنائية مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين رشيد الطالبي العلمي ومحمد ولد الرشيد. ومن المنتظر أن يلقي ماكرون خطابا أمام البرلمان المغربي بغرفتيه.
نقطة وصل بين أوروبا وأفريقيا
أشار الإليزيه إلى أن المغرب لديه “رغبة في أن يشكل نقطة وصل بين أوروبا وإفريقيا”، وهو أمر استراتيجي ومهم أيضا على مستوى البنى التحتية، لا سيما فيما يتعلق بمشاريع الربط الكهربائي.
ويفتح تحسن العلاقات الفرنسية المغربية آفاقا جديدة أمام الشركات الفرنسية التي تضررت جراء الخلافات السياسية.
ومن ثم، يمكن لشركة “إيرباص هليكوبترز” بيع ما بين 12 إلى 18 مروحية كاراكال للقوات المسلحة المغربية خلال الزيارة، وفق مصادر متطابقة.
كما سيستضيف المغرب مسابقة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم عام 2025 ثم كأس العالم لكرة القدم عام 2030، وكلتاها فرصة لفرنسا لتقديم خبراتها بعد أولمبياد باريس، خصوصا في مجال البنى التحتية.
وفرنسا هي المستثمر الأجنبي الأول في المغرب مع نحو ألف شركة، تشمل كل شركات مؤشر كاك 40 في بورصة باريس تقريبا لكن الصين وإسبانيا تحسنان أيضا حضورهما في السوق المغربية.
والمغرب هو الشريك التجاري الأول لفرنسا في أفريقيا، إذ يطمح رجال الأعمال الفرنسيون إلى تقوية العلاقات مع المغرب وتعزيز وجودهم في المملكة.
وستشمل مجالات التنسيق بين رجال الأعمال المغاربة والفرنسيين صناعة السيارات والطيران، كما يطمح المغرب إلى توسيع شبكة السكك الحديدية، إذ سبق ودشن ماكرون مع الملك محمد السادس في 2018 القطار الفائق السرعة “البراق”.
كما ترغب فرنسا في إنشاء “نظام بيئي مشترك” في مجال ألعاب الفيديو.
وسيضم الوفد أيضًا مسؤولين إداريين وفاعلين مؤسسيين، بما في ذلك المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي ورئيس MEDEF باتريك مارتن ومدير الوكالة الفرنسية للتنمية ريمي ريو.
الهجرة موضوع شائك لن يعكر صفو الزيارة
ويرافق الرئيس ماكرون وزير الداخلية برونو ريتايو، وهو من صقور مناهضي سياسات الهجرة الحالية، ولوح في أكثر من مناسبة بتقييد إصدار التأشيرات للمغاربة، لكن من المستبعد أن تلقي هذه القضية بظلالها على الثقة المستجدّة في العلاقة بين فرنسا والمغرب.
وكان سلفه جيرارد دارمانان عام 2021 خفض منح التأشيرات للمغاربة والجزائريين والتونسيين إلى النصف ما سمم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قبل تراجع باريس حين زارت وزيرة الخارجية السابقة كاترين كولونا الرباط للإعلان شخصيا عن وقف هذه القيود.
وفي العشرين من أكتوبر الجاري، أكد رئيس الحكومة ميشال بارنييه لـ”جورنال دو ديمانش” أنّه تجب معالجة قضية الأجانب الخاضعين لالتزام مغادرة الأراضي الفرنسية، “بروحية الحوار” بينما أكد وزير الخارجية جان نويل بارو أنّ الزيارة مناسبة لكتابة فصل جديد في علاقتنا وتجب معالجة هذه القضية في إطار شراكة مستدامة وحوار شامل، وليس من منطلق إتمام صفقة.
وسيعكس هذا الأمر تغييرا في الأسلوب المرتبط بموضوع شائك، فالتشدد الفرنسي في التعامل مع قضية الهجرة يناقض الصورة التي تسعى فرنسا لتسويقها باعتبارها وجهة تجذب رعايا الدول حيث تتمتع تقليديا بتأثير كبير، غير أنّ المغرب، الذي كان مستعمرة فرنسية سابقة، بات خارج نطاق هذه الدول.
وستكون المملكة أكثر استعدادا للمزيد من المرونة والتسوية بشأن هذه القضية مقارنة بتونس والجزائر اللتين تعتبرهما باريس أقل تصالحية.