كاتالونيا.. حين يصبح الحجاب خطرًا سياسيًا وصوت الجالية غائبا

سعيد الحارثي - مدريد في كاتالونيا، عادت من جديد موجة من الجدل السياسي حول الحجاب، تقودها بعض الأحزاب اليمينية وعلى رأسها حزب “فوكس”، الذي يواصل حملاته المعهودة ضد رموز الثقافة الإسلامية، مستخدما خطابا مكررا عن “الاندماج” و”تحرير المرأة”. هذه اللغة، التي تبدو ظاهريا مدنية وحديثة، تخفي وراءها نوايا إقصائية لا تقبل بالاختلاف، ولا تحترم حرية المعتقد. وكان حزب “فوكس” قد تقدم مؤخرا بمقترح قانون إلى البرلمان يطالب بمنع ارتداء الحجاب في المدارس والإدارات العمومية على مستوى كاتالونيا، مدعيا أن الحجاب “رمز تمييزي” و”يتعارض مع قيم الدولة”. هذا المقترح لا يخفي نزعته الإقصائية، بل يندرج ضمن خطاب أوسع يعادي التنوع الثقافي والديني، ويستهدف بشكل مباشر الجاليات المسلمة، في محاولة لاستثمار قضايا الهوية لكسب الأصوات الانتخابية. الحجاب هنا لم يعد مجرد مسألة دينية شخصية، بل أصبح رمزًاج يُستخدم في المعارك السياسية. وما يثير القلق ليس فقط هذا التوجه الرسمي المتصاعد، بل الغياب التام لأي رد فعل حقيقي من الجمعيات المغربية في كاتالونيا. جمعيات من المفترض أن تكون صوت الجالية، لكنها تلتزم الصمت في لحظ

كاتالونيا.. حين يصبح الحجاب خطرًا سياسيًا وصوت الجالية غائبا
   hibapress.com
سعيد الحارثي - مدريد في كاتالونيا، عادت من جديد موجة من الجدل السياسي حول الحجاب، تقودها بعض الأحزاب اليمينية وعلى رأسها حزب “فوكس”، الذي يواصل حملاته المعهودة ضد رموز الثقافة الإسلامية، مستخدما خطابا مكررا عن “الاندماج” و”تحرير المرأة”. هذه اللغة، التي تبدو ظاهريا مدنية وحديثة، تخفي وراءها نوايا إقصائية لا تقبل بالاختلاف، ولا تحترم حرية المعتقد. وكان حزب “فوكس” قد تقدم مؤخرا بمقترح قانون إلى البرلمان يطالب بمنع ارتداء الحجاب في المدارس والإدارات العمومية على مستوى كاتالونيا، مدعيا أن الحجاب “رمز تمييزي” و”يتعارض مع قيم الدولة”. هذا المقترح لا يخفي نزعته الإقصائية، بل يندرج ضمن خطاب أوسع يعادي التنوع الثقافي والديني، ويستهدف بشكل مباشر الجاليات المسلمة، في محاولة لاستثمار قضايا الهوية لكسب الأصوات الانتخابية. الحجاب هنا لم يعد مجرد مسألة دينية شخصية، بل أصبح رمزًاج يُستخدم في المعارك السياسية. وما يثير القلق ليس فقط هذا التوجه الرسمي المتصاعد، بل الغياب التام لأي رد فعل حقيقي من الجمعيات المغربية في كاتالونيا. جمعيات من المفترض أن تكون صوت الجالية، لكنها تلتزم الصمت في لحظة تستدعي الموقف. لقد أصبح واضحًا أن بعض هذه الجمعيات تكتفي بالأنشطة الموسمية والمبادرات الثقافية، بينما تتجنب القضايا “الحساسة”، ربما خوفا من فقدان التمويل أو من التصادم مع الجهات الرسمية. لكن ماذا تبقى من دورها إن لم تقف في وجه قوانين تمس كرامة وحرية جزء كبير من أفراد الجالية؟ اليوم، ترتدي الطالبة المغربية حجابها بثقة، لكن غدا قد تجبر على خلعه بصمت، ما لم تجد من يدافع عنها. إننا نواجه مسارا تدريجيا نحو التضييق، يبدأ من اللباس، ثم يمتد إلى كل ما هو ثقافي وديني وهووي. المطلوب ليس المواجهة، بل الوضوح. أن ترفع الجمعيات صوتها، أن تصدر بيانات، أن تتواصل مع الإعلام، أن توعي الناس بحقوقهم. أن تقول ببساطة: الحجاب خيار، وليس تهديدًا. إن صمت الجالية المسلمة الآن سيقرأ على أنه قبول. وتاريخ الجاليات يثبت أن من لا يدافع عن رموزه، يجرد منها باسم “التعايش”. كاتالونيا تحتاج إلى صوتنا. فهل نملك الشجاعة لرفعه؟