مغاربة إسبانيا بين الإندماج و الضياع

سعيد الحارثي - مدريد يعتير الإندماج في المجتمع الأوروبي ، اللبنة الأساسية لفك العزلة و الإقصاء، و التقرب من الآخر قصد العيش بسلام بعيدا عن التمييز و العنصرية. كثير من المغاربة المهاجرين الذين فضلوا العيش في أوروبا منذ السنوات الأولى للهجرة خاصة في إسبانيا ، لا يفرقون بين الإندماج الذي يفرض عليهم معرفة قوانين هذا البلد و ثقافته و تقاليده ، و بين الإنصهار الكلي و الذوبان في حياة بعيدة كل البعد عن دينهم و ثقافتهم و هويتهم. فمنذ وصول الجيل الأول إلى إسبانيا ، بدأ المغاربة يفكرون فقط في العمل، و جمع أكبر قدر من المال لبناء منزل يأوي عائلاتهم وإخراجها من الفقر.. هذا ما جعل الإسبان ينظرون إليهم، مجرد يد عاملة جيئ بها لمساعدتهم في الأعمال التي لا يرغبون في إنجازها، مثل رعاية أطفالهم و أقربائهم المسنين و إعداد الطعام، و تنظيف المنازل . لكن بعد مرور السنين، أنجب لنا هذا الجيل، الجيل الثاني، الذي اصطدم بواقع مرير فقد فيه لغته و ثقافته و هويته ، و تشبع بأفكار الإسبان و لباسهم و أكلهم و ثقافتهم، معتبرا أن هذا هو الإندماج الحقيقي في هذا المجتمع.. "فلا الأسر ربت ، و لا المساجد أقنعت، و

مغاربة إسبانيا بين الإندماج و الضياع
   hibapress.com
سعيد الحارثي - مدريد يعتير الإندماج في المجتمع الأوروبي ، اللبنة الأساسية لفك العزلة و الإقصاء، و التقرب من الآخر قصد العيش بسلام بعيدا عن التمييز و العنصرية. كثير من المغاربة المهاجرين الذين فضلوا العيش في أوروبا منذ السنوات الأولى للهجرة خاصة في إسبانيا ، لا يفرقون بين الإندماج الذي يفرض عليهم معرفة قوانين هذا البلد و ثقافته و تقاليده ، و بين الإنصهار الكلي و الذوبان في حياة بعيدة كل البعد عن دينهم و ثقافتهم و هويتهم. فمنذ وصول الجيل الأول إلى إسبانيا ، بدأ المغاربة يفكرون فقط في العمل، و جمع أكبر قدر من المال لبناء منزل يأوي عائلاتهم وإخراجها من الفقر.. هذا ما جعل الإسبان ينظرون إليهم، مجرد يد عاملة جيئ بها لمساعدتهم في الأعمال التي لا يرغبون في إنجازها، مثل رعاية أطفالهم و أقربائهم المسنين و إعداد الطعام، و تنظيف المنازل . لكن بعد مرور السنين، أنجب لنا هذا الجيل، الجيل الثاني، الذي اصطدم بواقع مرير فقد فيه لغته و ثقافته و هويته ، و تشبع بأفكار الإسبان و لباسهم و أكلهم و ثقافتهم، معتبرا أن هذا هو الإندماج الحقيقي في هذا المجتمع.. "فلا الأسر ربت ، و لا المساجد أقنعت، و لا الجمعيات أنذرت ، و بدأ هذا الجيل يفقد شيأ فشيئا هويته و يضيع بين ما يبيحه الشارع و يرفضه البيت". الحل الأمثل لهذه المعضلة، هو عودة الأسرة للبيت، و خصوصا الأم التي تعتبر العمود الأساسي لتربية الأطفال و تقديم الحنان و الدفئ، فبدل القيام برعاية أطفال الغير و مرافقتهم إلى المدرسة ثم انتظار عودتهم فأولادها أولى بذلك، و القناعة كنز لا يفنى ، وحتى إن أرادت هاته الأم أن تساعد خارج البيت من أجل تحسين الظروف المعيشية، فعليها أن تختار عملا يتناسب مع وجود الأطفال في البيت، كما على الأب أيضا أن يساعد بمراقبة أطفاله، و السؤال عليهم ، و التحاور معهم بالدارجة المغربية حفاظاً على هويتهم .