هبة بريس - محمد زريوح
باشرت وزارة الداخلية عملية تدقيق واسعة في سجلات الوعاء الضريبي للجماعات المحلية، بعد أن رصدت فجوة كبيرة بين الإمكانيات المتوفرة والموارد الجبائية المحصلة فعليًا.
و انطلقت هذه العملية من جهتي الدار البيضاء-سطات وطنجة-تطوان-الحسيمة، مع خطط لتوسيع نطاق المراجعات لتشمل جماعات ترابية أخرى في مختلف الجهات.
التحقيقات تهدف إلى مراجعة أساليب تحديد الأوعية الضريبية ومساطر التحصيل، إضافة إلى الكشف عن أي تواطؤ محتمل بين موظفي مصالح الجباية وبعض الملزمين.
و تأتي هذه الخطوة بعد ورود تقارير عن تغاضٍ متعمد عن تحصيل الرسوم المستحقة، مما أضر بالميزانيات المحلية وقلل من قدرتها على تمويل المشاريع التنموية.
عملية الافتحاص كشفت عن تلاعبات في تحصيل رسوم استغلال الملك العمومي والضرائب على الأراضي غير المبنية.
تقارير التدقيق أظهرت أن بعض المحلات والمقاهي استغلت مساحات شاسعة من الملك العمومي دون دفع الرسوم المستحقة، وذلك بناءً على تعليمات وجهت للمراقبين بعدم إدراج أسماء بعض المستغلين المحظوظين ضمن قوائم الملزمين، مما أدى إلى تحميل القلة الباقية عبئًا ضريبيًا غير عادل وحرمان الجماعات من موارد مالية هي في أمسّ الحاجة إليها.
التدقيق أبان أيضًا عن وجود إعفاءات غير قانونية لكبار ملاك الأراضي، حيث تم تصنيف أراضيهم ضمن مناطق احتياطية بطرق مخالفة للقانون، ما جعلها معفاة من الضرائب المفروضة على الأراضي غير المبنية.
كما كشفت التحقيقات عن غياب تحيين منتظم لقوائم الأوعية الضريبية في بعض الجماعات، مما فتح المجال أمام تلاعبات استثنائية لصالح بعض الأفراد.
الخسائر الناتجة عن هذه التجاوزات قدرتها وزارة الداخلية بحوالي 70 مليون درهم، وهي مبالغ مهمة جدًا بالنظر إلى محدودية الإمكانيات المالية للجماعات المتضررة.
هذه الموارد الضائعة كان بالإمكان استغلالها لتمويل مشاريع تنموية وخدمات اجتماعية للمواطنين.
وزارة الداخلية أكدت أنها ستتخذ إجراءات صارمة في حق المتورطين في هذه التجاوزات، وقد تشمل هذه الإجراءات إعفاء بعض المسؤولين من مناصبهم وإحالة ملفاتهم على القضاء.
وتأتي هذه التحركات في سياق حملة شاملة لتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد في الجماعات الترابية، بهدف تحسين التحصيل الضريبي وضمان استغلال أفضل للموارد المالية بما يخدم التنمية المحلية ويعزز الخدمات الموجهة للمواطنين.