هبة بريس: عبد السلام بلغربي ، محمد زريوح
شهد ملتقى الطرق "أطاليون مارشيكا" في مدينة الناظور واقعة أثارت الجدل والتساؤلات حول جودة إدارة وصيانة المساحات الخضراء التي تم تطويرها في إطار مشروع "مارشيكا ميد" الكبير. الأغنام التي دخلت إلى الحدائق العامة والمناطق الخضراء في المنطقة بدأت تتغذى على الأعشاب المزروعة بعناية، وهو ما أدى إلى تشويه المنظر الجمالي للموقع، الأمر الذي أثار استياء العديد من المواطنين والزوار الذين كانوا يتطلعون إلى الاستمتاع بهذه المساحات العامة كجزء من المشروع السياحي الضخم.
الأغنام التي تجولت بحرية في هذه المساحات لم تتسبب فقط في تشويه المناظر الطبيعية، بل أثرت أيضًا على الاستثمارات الضخمة التي وُجهت لتطوير هذه الحدائق. وقد أنفقت ملايين الدراهم من أجل إنشاء مساحات خضراء تهدف إلى تحسين جاذبية المنطقة وجعلها وجهة سياحية مميزة، غير أن هذه الأموال لا تُستغل بالشكل الأمثل إذا كانت المساحات غير محمية من الأضرار التي قد تلحق بها نتيجة مثل هذه الأحداث. هذه الخسائر الاقتصادية التي تُضاف إلى الأثر البصري السلبي تدفع إلى إعادة التفكير في آليات إدارة المشروع.
وتأتي هذه الحادثة لتكشف عن مشكلة أعمق تتعلق بضعف الحوكمة والإشراف على المشاريع الكبرى في المغرب، خاصة تلك التي تحمل أهمية اقتصادية وسياحية للمنطقة. فالمشروع، الذي يُعتبر جزءًا من خطة تنموية طموحة لتحويل منطقة الناظور إلى وجهة سياحية ذات مستوى عالمي، يواجه تحديات في إدارة صيانته والحفاظ على جاذبيته. غياب الصيانة المستمرة والمتابعة الدقيقة من قبل الجهات المسؤولة يُظهر نقصًا في الالتزام بالمسؤولية تجاه استدامة المشروع على المدى الطويل.
لا تقتصر إدارة المشاريع الكبرى على مرحلة التنفيذ فقط، بل تتطلب رؤية شاملة تشمل وضع خطط لصيانة مستمرة ومتابعة دقيقة للمرافق والمساحات العامة. إدارة مشروع بحجم "مارشيكا" تحتاج إلى نهج تكاملي يأخذ في الاعتبار كافة التفاصيل لضمان جاذبية المشروع واستدامته. إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة لمعالجة هذه المشكلة وتطوير آليات فعّالة للصيانة، فقد يؤدي هذا الإهمال إلى تأثير سلبي على سمعة المشروع ويقلل من قيمته كوجهة سياحية واعدة.
بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض المراقبين أن هذه الحادثة تمثل فرصة لتقييم وتحسين السياسات المتعلقة بإدارة المشاريع الكبرى في المغرب. فالاستثمار في البنية التحتية يجب أن يتبعه استثمار في أنظمة حماية ومراقبة تضمن استمرارية هذه المشاريع والحفاظ على جاذبيتها. من الممكن أن يشمل ذلك إشراك المجتمع المحلي في عمليات المراقبة والصيانة، أو الاستعانة بشركات مختصة لضمان رعاية مستمرة لهذه المساحات العامة، مما قد يسهم في تعزيز المسؤولية المشتركة والحرص على نجاح المشروع.
في الختام، يسلط دخول الأغنام إلى حدائق مشروع "مارشيكا" الضوء على أهمية الصيانة المستدامة والإشراف الفعّال على المشاريع التنموية الكبرى في المغرب. الحفاظ على استمرارية هذه المشاريع وضمان جاذبيتها يتطلبان التزامًا مستمرًا وجهودًا متواصلة من قبل الجهات المسؤولة لتجنب مثل هذه المشاكل مستقبلاً، ولضمان أن يبقى المشروع عنصرًا جاذبًا للاستثمارات والسياحة في المنطقة.