هبة بريس
تعد منطقة القبائل في الجزائر واحدة من أبرز المناطق التي شكلت تحديًا مستمرًا في وجه السلطة الحاكمة في الجزائر، حيث تُعتبر بمثابة آخر "مستعمرة" تحت حكم العسكر في البلاد.
لطالما كانت منطقة القبائل، أو "القبايل" كما يعرفها أهلها، جزءًا من معادلة سياسية معقدة، حيث تبرز مطالب سكانها المتواصلة بالاستقلال عن حكومة قصر المرادية وتقرير المصير.
يسعى أبناء القبائل، الذين يقدر عددهم بحوالي 10 ملايين نسمة، إلى الحصول على حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية من خلال المطالبة بحق تقرير المصير والانفصال عن الدولة الجزائرية.
هذا التحرك يظل مستمرًا، رغم محاولات القمع الممنهجة التي يتعرض لها هؤلاء من قبل النظام الحاكم في الجزائر.
في هذا السياق، أعلن فرحات مهني، رئيس حكومة القبائل في المنفى، في وقت سابق في خطاب بثته المنصات الإعلامية القبائلية من العاصمة الفرنسية باريس، أن محكمة "بريك كورت" البريطانية، ومقرها في لندن، أصدرت رأيًا قانونيًا يقر بوجود القبائل كشعب مستقل ويعترف بحقها في تقرير المصير.
وحسب المحكمة، فإن الشعب القبائلي يتمتع بحقوق بموجب القانون الدولي، ومنها الحق في تقرير مصيره باعتباره جماعة سياسية واقتصادية وثقافية.
تعيش منطقة القبائل واقعًا مريرًا، حيث يفرض عليها النظام العسكري الجزائري حصارًا دكتاتوريًا، يعقبها قمع مستمر واعتقالات للمناوئين السياسيين على خلفية محاكمات صورية، مما يزيد من التوترات ويعقد أي أفق للحل السياسي في البلاد.
تمتد منطقة القبائل على مساحة 25 ألف كيلومتر مربع، وهي تعد واحدة من أكبر المناطق الجغرافية في شمال شرق الجزائر.
تتوزع المنطقة على عدة ولايات، منها ولاية بومرداس، تيزي وزو، بجاية، البويرة، المدية، برج بوعريريج، سطيف، جيجل، ميلة وسكيكدة، وهي تطل على البحر الأبيض المتوسط.
تتميز المنطقة بهوية ثقافية مميزة، حيث يتحدث سكانها اللغة الأمازيغية، مع مدينة "تيزي وزو" التي تعد العاصمة الثقافية والسياسية للمنطقة.
إزاء هذا الواقع، تظل منطقة القبائل في الجزائر مركزًا للصراع السياسي والاجتماعي، مما يجعلها قضية شائكة تثير الكثير من الجدل داخل الجزائر وخارجها، حيث يسعى سكانها لتحقيق استقلالهم وتقرير مصيرهم بعيدًا عن النظام العسكري القائم في الجزائر.
هل سيستجيب نظام الجزائر لمطالب شعب القبائل في حق تقرير مصيره، خاصة في ظل ادعاء الحكومة المستمر دعمها لحق الشعوب في تقرير مصيرها؟ أم أن هذا التوجه لا يعدو كونه نفاقًا سياسيًا مفضوحًا، يهدف إلى تحقيق أجندات خفية ومصالح ضيقة على حساب حقوق الشعوب في الحرية والكرامة؟