الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي أية علاقة؟

بقلم يحيى تيفاوي باحث متخصص في قضايا المجتمع المدني شكلت المعرفة الوعاء الجمعي لثورات التغيير في أنماط التفكير والسلوك لدى الإنسان اتجاه أخيه الإنسان وعدم السقوط في براثين الأنانية واستمالة هذه الأخيرة بحكمة العقل في التفاهم والاتفاق مع بني جنسه بالاحتكام لقوانين وتشريعات تنظمه، وتضبطه في كنف مجتمع التعاقدات بفعلية فاعليه المدني الحقوقي والسياسي الحزبي كما عرفه الفيلسوف الروماني "شيشرون" باعتباره " أكثر افردا ساعين إلى مصالحهم الشخصية... إنه مؤسسة طبيعية والتعبير السياسي عن هذه المؤسسة هو رابطة شاملة ينتمي إليها الأفراد فأساس المجتمع المدني هو العدالة التي يشكلها الذي يفهم بوصفه الصالح العام." كمنطلقات ومداخل لتجاوز الأزمات والمعضلات المجتمعية، نحو التقدم والازدهار. ولعل من أبرز مفاتيح الحكمة والتوازن في الإبداع وإنتاج العقل البشري موضوعة "المجتمع المدني بفاعله الحقوقي والمجتمع السياسي بفاعله الحزبي". وهو ما يعكس التطور الذي عرفته المجتمعات البشرية في المجالات المرتبطة بالإنسان وخاصة الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة، كظاهرة أثارت ولازالت جدلا في الأوساط السياسية ودوا

الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي أية علاقة؟
   hibapress.com
بقلم يحيى تيفاوي باحث متخصص في قضايا المجتمع المدني شكلت المعرفة الوعاء الجمعي لثورات التغيير في أنماط التفكير والسلوك لدى الإنسان اتجاه أخيه الإنسان وعدم السقوط في براثين الأنانية واستمالة هذه الأخيرة بحكمة العقل في التفاهم والاتفاق مع بني جنسه بالاحتكام لقوانين وتشريعات تنظمه، وتضبطه في كنف مجتمع التعاقدات بفعلية فاعليه المدني الحقوقي والسياسي الحزبي كما عرفه الفيلسوف الروماني "شيشرون" باعتباره " أكثر افردا ساعين إلى مصالحهم الشخصية... إنه مؤسسة طبيعية والتعبير السياسي عن هذه المؤسسة هو رابطة شاملة ينتمي إليها الأفراد فأساس المجتمع المدني هو العدالة التي يشكلها الذي يفهم بوصفه الصالح العام." كمنطلقات ومداخل لتجاوز الأزمات والمعضلات المجتمعية، نحو التقدم والازدهار. ولعل من أبرز مفاتيح الحكمة والتوازن في الإبداع وإنتاج العقل البشري موضوعة "المجتمع المدني بفاعله الحقوقي والمجتمع السياسي بفاعله الحزبي". وهو ما يعكس التطور الذي عرفته المجتمعات البشرية في المجالات المرتبطة بالإنسان وخاصة الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة، كظاهرة أثارت ولازالت جدلا في الأوساط السياسية ودوائر الفكر السياسي والحقوقي والاجتماعي والقانوني. وبكثير من الإجتهاد والتأويل العلميين توجد محاولات لوضع حدود معرفية تجعل موضوع الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي في معناه ينسجم مع مقاصده وغاياته. كما أن الاهتمام والشغف بهذا الموضوع يجد حضنه عند اقترانه بطبيعة العلاقة بين الفاعلين المدني الحقوقي والسياسي الحزبي في بنية المجتمع، وهو ما يؤهل هذا الموضوع موقع السيادة في التداول والاستعمال الواسع بأروقة الفكر المعاصر الغربي والعربي، وانتقاله من الخطاب الثقافي والسوسيوسياسي والمدني الحقوقي والقانوني في بنية الفكر المغربي إلى المأسسة لدى المشرع المغربي مع الوثيقة الدستورية 2011 من خلال مجموعة من الفصول المرتبطة بالحريات والحقوق الأساسية وكذا المؤسسات الدستورية. إن محاولة للإلمام النظري بموضوع الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي والباسه مكانة العلاقة الطبيعية، وكذا إزالة الغموض والالتباسات التي تعتري طرح الموضوع للبحث بالاستفزاز علميا للتجارب النظرية بسؤال إلى أين أرسى الفكر البشري ظلاله في عصرنا هذا في تعاطيه مع العلاقة بين الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي وتبيان فرزها ومقوماتها في المستوى الوظيفي والادوار؟ وهو ما يطرح رؤية تنسجم والخصوصية المغربي في تناولها لموضوع طبيعة العلاقة بين الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي؟ والاستفادة من التراكم النظري الحاصل في توضيح علاقة مجتمعية صلبة لفاعلين يساهمان في المشروع المجتمعي، الدي يؤمن لبلدنا مكانا متقدما في عالمنا الذي أصبح أكثر تعقيدا من ذي قبل. عبر طرح اليات وطرق تمكين العلاقة بين الفاعل المدني الحقوقي والسياسي الحزبي من مقومات التوازن الطبيعية في المسار الديموقراطي كوعاء جمعي وكحاضن لتحديات الراهنة في أي تقنين للعلاقة بين التصور المرجعي للوثيقة الدستورية، وكذا بناءها التنظيمي والوظيفي في رسم معالمها المستقبلية. وهذا يجعلنا نعتمد ونرتكن إلى الرهانات النظرية والعلمية في الفكر الغربي والعربي في كرونولوجيا تاريخية بأهم محطاتها المفصلية ومن خلال الاستفادة المعرفية من التراكم الحاصل في الدراسات السابقة والأفاق المعاصرة من موقع التوجيه و التنوير الفكري دون غض الطرف عن التقصي في إنتاج مفكرين أمثال: "أبن خلدون" "هوبز"و"لوك" و"روسو"، ثم "هيغل" و"ماركس" و"غرامشي" في مرحلة أولى وما تم تقديمه من أبحاث ودراسات حول موضوع المجتمع المدني الحقوقي والمجتمع السياسي الحزبي. وصولا إلى النموذج المغربي في طرح اطار للعلاقة بينهما، والتحولات المفترضة من التداول الثقافي إلى جزءا عضوي في دهنية المشرع القانوني وبالتقصي والبحث والمعالجة السوسيوقانونية. ولتفكيك هذه العلاقة علميا حتى يسهل معه تحديد طبيعتها نطرح سؤال الوجودية ماهو المجتمع المدني الحقوقي والمجتمع السياسي الحزبي أو بمعنى أكثر إجرائية ماهي المكونات العضوية للفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي والمبادئ والقيم التي يتأسس عليها ؟ وهو مايجعلنا في مسار كيفية مأسسة العلاقة وإرسائها بين الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي؟ ان البحث في سؤال الوجودية و المفهومية من خلال ما انتجته السياقات الفكرية التاريخية يجعلنا نقف عند حقيقة مفادها ان الاطار الفاهيمي للفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي لا يمكن إخراجهما عن كونهما واقعتين سوسيولوجيا ارتبطت بالمجتمعات الغربية، وهما ليس جديدين في الكتابة العربية الحديثة ولا حتى في القديمة، هناك مؤشرات على وجود ما يوازي هذين المفهومين باسم المجتمع المدني الحقوقي والمجتمع السياسي الحزبي قبل السبعينات من القرن الماضي ، إنما قبل ذلك بتسميات أخرى مختلفة. مقياس دالك ان يوضع بأية تسمية لكيان أو مجموعة كيانات في مقابل أو مواجهة الدولة وسلطتها أو جزء منها. هذا يعني ان الفاعل المدني الحقوقي والفاعل السياسي الحزبي كمفهومين كانا ماثلين في الذهن لكن كمصطلحين فهما جديدين. بالطبع يدل عدم وجود مصطلح لغوي موحد يعبر عن المفهومين في ثقافة ما على أن ثمة ضبابية تكتنف هذين المفهومين، أو على عدم تبلوره في أدهان ابناء هذه الثقافة وخصوصا مثقفيها وكتابها. وتجاوزا لنتيجة المسلمات الفكرية التاريخية نسبيا في مستوى أول يتم التحديد العضوي لمفهوم الفاعل المدني الحقوقي للغرض العلمي بالأساس والسوسيوقانوني من حيث الفرز يتم حصر مكونات المجتمع المدني الحقوقي من منظمات غير حكومية وروابط وجمعيات حقوقية ومؤسسات وهيئات واتحادات حقوقية، ودراسة أنشطتها وتأثيرها العام، في تصنيفها إلى ما يلي:  مجموعات المصالح الخاصة الحقوقية. وهي المنظمات المهنية والاتحادات والنقابات والجمعيات الحقوقية، التي تلتئم فيها شريحة معينة  مجموعة المصالح العامة الحقوقية، وهي مكونات المجتمع المدني الحقوقي، التي تنشط في الاتجاه الاجتماعي العام، الذي يخص المجتمع ككل. وتشكل هذه المجموعات جزءا من جماعات الضغط المدني الحقوقي والسياسي، ويمكن تحديد المكونات التالية لهذه المجموعات: - منظمات البيئة وحماية البيئة. - منظمات الرفاه الاجتماعي والاتحادات التعاونية. - منظمات حماية المستهلك. - منظمات الحد من الجريمة والوقاية منها. - منظمات الوقاية الصحية والخدمات الطبية. - المنظمات الحقوقية التي تدعوا إلى ثقافة معينة مثل منظمات (حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حماية الطفل، رعاية الأسرة، الأمومة والطفولة). - هيئات الإعلام ووسائله غير الحكومية. وهي الهيئات غير الربحية المستقلة في سياساتها وبرامجها وميزانياتها بالاعتماد على الدعم المالي، غير انه لا بد أن يجري ترخيصها ومتابعة أنشطتها في مستوى ضوابط الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي. - مكونات المجتمع العلمي الحقوقي. وهي المراكز البحثية العلمية والمؤسسات العلمية والكليات الأهلية الحقوقية، والمجالس العلمية الحقوقية وغيرها - النشطاء والمدونين المدنيين بمجال حقوق الانسان في وسائل التواصل الرقمية والحديثة وفي مستوى ثاني فإن تعريف الفاعل السياسي الحزبي تعريفا دقيقا يجب أن يكون مسـبوقا بتحديـد العصر والوسط الاجتماعي والسياسي الذي يعيش الحزب في ظله. فكلمة حزب معروفة منذ القدم، ولكن الفاعل السياسي الحزبي في العصـر الحديث وعلى وجه التحديد منذ حوالى قرن من الزمان أصـبح لـه معنى محدد، ومن ثم يتعين أن يستجمع عناصر معينة. وعلى ذلك فتعريف الفاعل السياسي الحزبي أو الحزب في العصور القديمـة يختلـف عـن تعريفه في العصور الوسطى، وعن الحزب إبان الثـورة الفرنسـية وما تلاها. وإذا كانت فكرة الفاعل السياسي الحزبي تختلف باختلاف الزمان والمكان فإن هناك عنصرا لا يتغير ويكاد يكون قاسما مشـتركا فـي جميـع الأحزاب، هذا العنصر هو التضامن المعنوي والمادي الذي يجمـع الفاعلين السياسيين داخل الحزب. إذ يوجد بين هـؤلاء الأعضـاء أفكـار سياسـية متشابهة تجعلهم يعملون معا من أجـل وضـع سياستهم موضـع التنفيذ. فالتعريف الحديث للفاعل السياسي الحزبي ينهج الفقه المعاصر منهجا جديدا في تعريفه يتركـز على تحديد عناصر واضحة يتعين توافرها في المؤسسة التي تعتبـر حزبا سياسيا . ولقد لقي هذا التعريف قبولا من عدد كبيـر مـن الفقهاء في العالم ومن ثم فان الحزب السياسي هو تنظيم دائم على المستويين القومي والمحلى يسعى للحصول علـى مسـاندة شـعبية، بهـدف الوصول إلى السلطة وممارستها، من أجل تنفيذ سياسة محددة وهو ما يحيلنا على توافر شروط الحزب وأنه يتعين اجتماعها في أربعـة شروط لتشكل مؤسسة الفاعل السياسي الحزبي التي تعتبر حزبا، وهي استمرارية التنظيم وإقامـة علاقة مستقرة بين المستوى المحلى والمستوى القومى، والرغبـة في الوصول إلى السلطة وممارستها وأخيرا الاهتمام بالحصول على سند شعبي من خلال الانتخابات. وبعد هذا التوضيح العلمي للمفهومية الفاعل المدني الحقوقي و الفاعل السياسي الحزبي نجد ظلاتنا الفكرية في تحديد طبيعة العلاقة و هويتها من خلال ارتباطهما في نقطة تماس للوعاء التطوري لمسار الديمقراطية عبر تمفصلات تاريخية وصولا الى الديمقراطية التمثيلية و من اللايقين في كفايتها انتج الفكر المدني الحقوقي و السياسي الحزبي الدمقراطية التشاركية في أدوار متوازنة تكميلية للفراغ و النواقص التي تعتري المسار غير الناجز للديمقراطية التمثيلية و بناءا على تراكم فكري سوسيو قانوني تاريخي تطورت معه الاليات لمأسسة العلاقة بين فاعل مدني حقوقي يسعى لتأثير في صناعة القرار و فاعل سياسي حزبي يسعى لصناعة القرار.وهو ما ترتب عنه اجتهادات قانونية تنظم هذه العلاقة اختلفت باختلاف المجتمعات و تركيباتها، ففي سياق المغربي على سبيل الحصر يحيلنا النقاش العلمي الى علاقة الفاعل المدني الحقوقي بالديموقراطية التشاركية حيث تعتبر هذه الأخيرة هي شكل من أشكال التدبير المشترك للشأن العام، يتأسس على تقوية مشاركة المجتمع المدني في اتخاذ القرار السياسي عن طريق استدعاء الأفراد للقيام بتشاورات كبرى تهم مشاريع أو قرارات عمومية، وقد منح المشرع الدستوري عدة آليات من أجل إحقاقها، ومنها تقديم العرائض والملتمسات، وهذا ما يسند حقيقة ان الفاعل المدني الحقوقي يلعب دوراً حيوياً في دعم وتعزيز الديمقراطية التشاركية، باعتبارها هي نموذج من حكامة الشأن العام، التي تشجع على المشاركة في عملية اتخاذ القرار، وتعزيز التواصل والشفافية والمساءلة مع التأكيد على حقيقة مفادها ان الحكم لازال غير ناجز و راجع بالأساس الى التجربة الفتية في شقها الدستوري بإقرار الديمقراطية التشاركية. وفي معرض البحث عن علاقة الفاعل السياسي الحزبي بالديموقراطية التشاركية يشخص التمثل باعتبارها علاقة ثنائية فالفاعل السياسي يشارك في الديمقراطية التشاركية مثله مثل المجتمع المدني بتقديم العرائض والملتمسات، ومن جهة أخرى تبرز علاقته بالديمقراطية التشاركية من كونه يمارس تدبير الشأن العام وعندها هو من يقوم بإشراك المجتمع المدني معه في تدبير الشأن العام. وهناك تمثل اخر ان العلاقة يطبعها النفور، نتيجة الاحكام المسبقة والتمثلات التي تطبع الفاعل السياسي، حيث تسيطر عليه فكرة أن الديمقراطية التشاركية تساعد الساكنة على تحقيق مراقبة سلوكات المؤسسات، كما تساهم في تثقيف المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم، وكيفية المشاركة في عملية صنع القرار الديمقراطي. وهذا الاعتقاد موسوم بالتوجس في التدافع السلبي بين الديمقراطية التشاركية للديمقراطية التمثيلية.