تشهد فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة بعد تصويت البرلمان الفرنسي يوم أمس الأربعاء 04 دجنبر الجاري، لصالح حجب الثقة عن حكومة ميشيل بارنييه، التي تشكلت قبل ثلاثة أشهر فقط، ويعد هذا الحجب الأول من نوعه منذ عام 1962، وهو ما يزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في بلد يلعب دورا محوريا داخل الاتحاد الأوروبي.
وشهد التصويت تأييد 331 نائبا لإسقاط الحكومة، متجاوزا الحد الأدنى المطلوب البالغ 289 صوتا، عكست النتيجة رفضا واسعا من مختلف الأطياف السياسية لحكومة بورن والرئيس إيمانويل ماكرون، الذي لم يتمكن من تأمين أغلبية برلمانية، ما يمكن أن يساهم في تغيير معالم الخريطة السياسية في الجمهورية الفرنسية، مع ما يعنيه الأمر من تغير في أدوارها وعلاقتها الخارجية بما علاقاتها مع حلفائها، على غرار المغرب.
وفي هذا السياق، أوضح محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريحه لموقع كشـ24، أن الأزمة الداخلية التي تعيشها فرنسا، لن تتأثر بها العلاقات الفرنسية-المغربية بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، مؤكدا أن الاعتراف الفرنسي يعكس أهمية المغرب في السياسة الخارجية الفرنسية، سواء بالنسبة لليسار أو اليمين المتطرف، وهو ما يتوقع أن يستمر في ظل الدينامية الحالية للتعاون بين البلدين.
ومن جهة أخرى أشار نشطاوي، إلى أن سحب الثقة من حكومة ميشيل بارنييه، كان متوقعا نظرا لتفكك المشهد السياسي الفرنسي وتباين المواقف بين مختلف الأحزاب، مشيرا إلى أن عدم رضا اليسار واليمين المتطرف على اختيار ماكرون لميشيل بارنييه لرئاسة الحكومة جعل سقوطها أمرا حتميا، ولا جدال فيه.
وأكد أستاذ القانون الدولي، أن هذا التطور سيؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية في فرنسا، حيث يسعى اليسار إلى أن يكون هو الأوفر حظا لتشكيل الحكومة، استنادا إلى حصوله على أكبر عدد من الأصوات، رغم أنه لم يحصل على أغلبية مطلقة، حيث يرى اليسار أنه من حقه الديمقراطي أن يتولى تشكيل الحكومة، ومن جهة أخرى، هناك انقسامات بين اليمين المتطرف وحزب الرئيس ماكرون، حيث يسعى اليمين المتطرف أيضا إلى الحصول على فرصة للتأثير في تشكيل الحكومة واتخاذ القرارات الرئيسية.
وأضاف نشطاوي، إسقاط حكومة بارني كان أمرا متوقعا ولا جدال فيه، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الفرنسي، وتتزايد المطالب بإعادة إجراء الانتخابات التشريعية، مع تأكيد اليسار على أحقيته في تشكيل الحكومة، وفي الوقت نفسه، يمارس اليمين المتطرف بقيادة جوردان بارديلا ضغوطا كبيرة، معتبرا أن حصوله على أغلبية الأصوات الفرنسية في البرلمان الأوروبي يمنحه الشرعية للتحدث باسم الشعب الفرنسي.