هبة بريس - عبد اللطيف بركة
في خطوة سياسية قد تكون فارقة في المشهد الحزبي المغربي، أُعلن عن انعقاد لقاء رسمي بين حزب الحركة الشعبية، الذي يُعرف بحزب "السنبلة"، و"التكتل الديمقراطي المغربي" بقيادة زهير أصدور. اللقاء الذي تم عقده بمقر الحزب في الرباط يأتي في سياق جهود توحيد القوى السياسية المتناثرة وإعادة ترتيب الأوراق السياسية في المغرب، وهو ما قد يُفضي إلى تحول جذري في النظام الحزبي ويقوي من دعامة المشهد السياسي المغربي.
تأسس "التكتل الديمقراطي المغربي" في أواخر يونيو 2022، حيث تم انتخاب المحامي زهير أصدور رئيسًا له. منذ ذلك الحين، يضم التكتل مجموعة من أنصار حميد شباط، الذين كانوا جزءًا من حزب "جبهة القوى الديمقراطية"، قبل أن يغادروه إثر خلافات داخلية طُرد على إثرها شباط نفسه من الحزب. كان الأخير يشغل منصب الأمين العام للحزب قبل مغادرته، ليبدأ مسارًا سياسيًا جديدًا يتخذ فيه من التكتل منصة لجذب الأنصار وإيجاد أرضية جديدة للتأثير السياسي.
في الوقت ذاته، يُظهر حزب الحركة الشعبية اهتمامًا خاصًا بهذه الانضمامات الجديدة، خاصةً وأن قادة الحزب يدركون تمامًا النفوذ الكبير لحميد شباط في عدة مناطق، خصوصًا في مدن فاس وتازة وصفرو، حيث يشتهر بوجوده التاريخي والزخم الذي اكتسبه من خلال دوره السابق كأمين عام لحزب الاستقلال، بالإضافة إلى قيادته للاتحاد المغربي للشغالين، الذراع النقابي للحزب.
هذه التحركات تشير إلى أن هناك مساعي حقيقية لتحقيق نوع من الوحدة بين مختلف المكونات السياسية المغربية، التي كانت تتسم بالتشرذم والانقسامات في السنوات الأخيرة. من جهة أخرى، يُعتبر هذا اللقاء محاولة من حزب الحركة الشعبية لإعادة ترتيب أوراقه السياسية والرفع من قيمته الانتخابية، حيث يسعى الحزب لاستقطاب كفاءات وأطر جديدة لتدعيم صفوفه وتعزيز موقعه في الساحة السياسية.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر من الحزب أن اللقاء بين قادة الحركة الشعبية وبعض من قيادات التكتل الديمقراطي كان فرصة لطرح فكرة انضمام التكتل إلى "السنبلة"، وهو ما لاقى ترحيبًا من قبل بعض القيادات الحركية. إذ ترى الحركة الشعبية في هذا الانضمام فرصة لإيجاد "البديل الحركي" الذي يتطلع إليه الحزب، ويؤمنون بضرورة الانفتاح على الطاقات والكوادر الجديدة لتوسيع قاعدة الدعم الشعبي، وتطوير القدرة على التفاعل مع متغيرات الساحة السياسية الوطنية.
وفي تصريحات لقياديين في الحزب، تم التأكيد على أن الحركة الشعبية لا تمانع في التحاق أطر من تيارات يسارية، مع العلم أن الحزب يعتز بمواقفه الوسطية المعتدلة التي تجمع بين الدفاع عن ثوابت الأمة والمبادئ الديموقراطية. وقد أضاف هؤلاء القياديون أن هذه الانضمامات قد تساهم في تعزيز التعددية داخل الحزب وتؤهله لأن يكون طرفًا سياسيًا مؤثرًا في المستقبل القريب.
بالمجمل، يشير هذا اللقاء بين الحركة الشعبية والتكتل الديمقراطي إلى إمكانية بداية مرحلة جديدة في السياسة المغربية، تضمن تجاوز حالة التشرذم الحزبي والبحث عن مساحات توافقية تكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة. ويبقى التساؤل الأبرز: هل ستتمكن هذه التحركات من تحويل المشهد الحزبي إلى حالة أكثر تجانسًا وفاعلية، أم أن التكتلات السياسية الجديدة ستظل مجرد محاولات لن تجد صدى واسعًا في أوساط الناخبين؟.