قال المكتب السياسي لحزب التقدم والإشتراكية، إن المرفقُ العمومي والخدماتُ الأساسية، تواجه مخاطر حقيقية مع هذه الحكومة. وهو ما يقتضي منَّا كاملَ اليقظة.
وأشار المكتب ضمن تقريره الذي تلاه أمينه العام نبيل بنعبد الله في أشغال الدورة الخامسة للجنة المركزية، الملتئمة اليوم الأحد 22 دجنبر الجاري، إلى عدم اهتمام الحكومة بالمستشفى العمومي، رغم المجهود الذي بدأ منذ سنواتٍ في بناء وتأهيل عددٍ من المستشفيات الجامعية والإقليمية، ورغم التشريعات الجديدة التي صدرت، لافتا إلى أن “هذه المستشفيات العمومية، بكافة أصنافها، تُعاني من قلة الموارد البشرية، ومن هجرة الأطر الطبية والتمريضية نحو الخارج أو نحو القطاع الخصوصي، بالنظر إلى ضعف جاذبية ظروف ممارسة المهنة في القطاع العمومي، ومن ضُعف التجهيزات، وسوء توزيع الخريطة الصحية على التراب الوطني، ومن ضُعفِ جودة الخدمات العلاجية، ومن الغلاء الفاحش للأدوية.
وأكد حزب “الكتاب” في التقرير ذاته، على أن هذا الوضع يدفعُ أغلبَ المغاربة اضطراراً للاتجاه نحو المصحات الخاصة، والتي عددٌ منها تسود فيه ممارساتٌ لا علاقة لها بأخلاق الطب، ومنها “النوار وشيكات الضمان”. وفي مقابل ذلك تتحجج الحكومةُ بأنه ليس لديها ما يكفي من الإمكانيات للتدخل والمراقبة والضبط.
وشدد المصدر ذاته، على أن هذه المقاربات، تدلُّ، بالملموس، على أنَّ الحكومة تتجه ضمنياًّ نحو الإجهاز العملي على الخدمة العمومية في الصحة، ومن الأدلة على ذلك -يضيف الكتاب- إخضاعُ عددٍ من المستشفيات، ضمن منشآتٍ عمومية أخرى، إلى التفويت تحت قناع “التمويلات المبتكرة”، وبشكلٍ يفتقدُ إلى الشفافية اللازمة.
ولمعرفة خطورة المسألة وعُمقِها فإنَّ عائداتِ التمويلات المبتكرة في السنوات الثلاث الماضية بلغت حواليْ 80 مليار درهماً. وكانت هذه الموارد المؤقتة، التي لا تتسم بطابع الاستدامة والبنيوية والشفافية، من أسبابِ التراجُعِ غير الحقيقي، بل الحسابي فقط، لمعدلاتِ عجز الميزانية المعلنة، يقول التقرير نفسه.
أما المدرسةُ العمومية، يضيف الحزب في تقريره، فهي لا تخرجُ عن هذه التوجُّهات الحكومية، حيث أنه رغم المعالجة “الاضطرارية” نسبيًّا لبعض مطالب نساء ورجال التعليم في النظام الأساسي الجديد، ورغم بعض المجهود المبذول في عهد الوزير السابق، خاصة على مستوى اعتماد مدارس الريادة كتجربةٍ تحتاجُ إلى التقييم والتقويمِ والتطوير، إلاَّ أنَّ الحكومة عموماً تبتعدُ أكثر فأكثر عن تحقيق مدرسة الجودة والتميُّز وتكافؤ الفرص التي التزمت بها.
في هذا السياق، أبرز المصدر ذاته، أنه لم تتم مباشرةُ تفعيل القانون الإطار، ولم تتم مُباشرَةُ إصلاح البرامجِ والمناهج، ولا يزالُ المستوى العام للتلاميذ بالتعلُّمات الأساسية في مؤخرة التصنيفات البيداغوجية المتخصصة، ناهيك عن الإختلالات التي تشوب الكتابُ المدرسي على مستوى تداوله التجاري وعلى مستوى محتوياته، كما وقف على ذلك مجلسُ المنافسة.
وتطرق التقرير إلى الممارسات غير القانونية التي تسود عدد كبير من مؤسسات التعليم الخصوصي، مستغربا عدم قدرة الحكومة على ضبط هذه الممارسات، ولا سيما منها فرضُ الأسعار والرسوم كيفما تريد وبالقدر الذي تريد، وفرضُ التدريس وفق كتبٍ مدرسيةٍ غير معتمَدة رسميا وباهظة الثمن.
وفوق كل ذلك، -يضيف التقرير- تعاني الأسر المغربية من الغلاء الفاحش في أسعار مستلزمات الدراسة، ويزدادُ الأمرُ تفاقُماً في المجالات الترابية القروية وفي ضواحي المدن والمناطق النائية، حيث تعاني آلافُ المدارس العمومية من غيابِ أبسط المرافق، ومن غياب النقل المدرسي، وضُعف خدماتِ الداخليات، بما يفسر الحجم المهول للهدر المدرسي، وخاصة في صفوف الفتيات، حيث أنَّ عدد الذين يُغادرون سنويا مدارِسَنا يُناهز 300 ألف من التلميذات والتلاميذ، بما يُغَذي الحجم المخيف لLes NEET.
وشدد الـ”PPS” على أن تجاهُلَ الحكومةِ لأوضاع المدرسة العمومية ومستلزماتِ إصلاحها، لَهُوَ أفضلُ دليلٍ على التهديد الحقيقي الذي يَطالُ المرفق العمومي في ظل هذه الحكومة، وذلك في الوقتِ الذي لا يمكنُ أبداً تحقيقُ مجتمع المعرفة من دون تعليمٍ عمومي جيد، ومن دون مَحوٍ حقيقي للأمية التي لا تزال تمسُّ رُبْعَ المغاربة البالغين من العمر أكثر من 10 سنوات، وثُـــلثَ النساء، و38% من ساكنة العالم القروي، وذلك حسب نتائجِ الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير.