هبة بريس- عبد اللطيف بركة
يُعتبر الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية من أهم الموارد الذاتية للجماعات الترابية في المغرب، لكن الواقع يكشف أن العديد من الجماعات لا تتوفر على معطيات دقيقة حول الملزمين بأداء هذا الرسم، مما يتيح للبعض التهرب من دفعه.
إذ يُلزم القانون الجماعات بالقيام بعملية إحصاء سنوي للملزمين، بالتنسيق مع وزارة المالية، بهدف توفير قاعدة بيانات دقيقة عن المكلفين.
ومع ذلك، تُظهر الوثائق المحاسبية لغالبية الجماعات الترابية ضعفاً ملحوظاً في مداخيلها، خصوصاً تلك المتعلقة بهذا الرسم، وهو ما يقوض قدرتها على تمويل مشاريعها المحلية ويجعلها في حاجة ماسة إلى شراكات غائبة.
تلاعبات في التحصيل والتهرب الضريبي
وتفيد مصادر مطلعة بأن بعض الجماعات تتقاعس في تحصيل الرسم المفروض على الأراضي غير المبنية، من خلال عدم تحديث قاعدة بيانات الملزمين أو التلاعب في إصدار أوامر التحصيل، وهو ما يمنع إرسالها إلى مصالح الخزينة العامة لضمان تحصيل الأموال المستحقة.
وقد أظهرت الوقائع أن عدم تحصيل الرسم في الوقت المناسب يكون في مصلحة المنعشين العقاريين، حيث يتم تأجيل استصدار أوامر التحصيل حتى استكمال عمليات البيع، ما يُجبر المشتري على دفع هذا الرسم بدلاً من البائع أو المنعش العقاري.
ويُعتبر ذلك مخالفة صريحة للمقتضيات القانونية التي تقضي بأن المنعش العقاري، بصفته مالكاً للأرض، هو المسؤول عن دفع الرسم.
شكاوى المواطنين وتفاوت تعامل الجماعات مع القانون
يشكو العديد من المواطنين من التلاعبات التي تجعلهم يتحملون عبء الرسم على الأراضي غير المبنية بدلاً من المنعشين العقاريين، الذين يتقاعسون عن دفعه في الوقت المحدد. ويتهم المواطنون الجماعات المحلية بعدم إصدار أوامر تحصيل لأراضٍ غير مبنية وفقاً للقانون، مما يعرضهم لتحمل تكاليف إضافية بسبب تقاعس المسؤولين في تحصيل الرسم في وقته.
وفي هذا السياق، يشير مراقبون إلى أن عددا قليل من الجماعات الترابية تطبق بشكل جيد المقتضيات القانونية المتعلقة بتحصيل الرسم على الأراضي غير المبنية، بينما تراجع جماعات أخرى، عن تحديث قاعدة بيانات الملزمين وعدم استصدار أوامر تحصيل الرسم في الوقت المناسب، ما يساهم في تضخم المبالغ المتأخرة.
تقارير المجالس الجهوية للحسابات وكشف التلاعبات
تتفق تقارير المجالس الجهوية للحسابات مع هذه الوقائع، حيث تؤكد أن العديد من الملزمين يسعون بكل الطرق للتهرب من تسديد ما عليهم من ضرائب ورسوم جماعية
ويُستخدم الغش بشكل واسع في تحديد الوعاء الضريبي، سواء من خلال التستر على مداخيل خاضعة للضريبة أو تقديم تصريحات مزيفة أو خاطئة، ما يؤدي إلى صعوبة تحصيل المبالغ المستحقة.
وتعتبر الأخطاء في البيانات مثل الاسم والعنوان أو الأخطاء في حساب المداخيل من الأسباب الرئيسية التي تحول دون استكمال عمليات التحصيل، مما يؤدي إلى تراكم المبالغ المستحقة على الجماعات.
الضرورة الملحة لإصلاح النظام وتحقيق العدالة الضريبية
إن التواطؤ بين بعض الجماعات الترابية والمنعشين العقاريين، إضافة إلى التقاعس في تطبيق الإجراءات القانونية، يهدد بشكل كبير الموارد المالية التي يمكن أن تساهم في تنمية المشاريع المحلية وتحسين الخدمات العامة.
ويتطلب الوضع الحالي تحركاً عاجلاً من السلطات المحلية والمركزية لضمان تنفيذ القانون بشكل صارم، وتحديث البيانات بشكل دوري لضمان تحصيل الرسوم المستحقة بشكل فعال، مع محاربة كل أشكال التلاعب والتهرب الضريبي.